جدول المحتويات
مما تشتمل عليه خطبة الجمعة هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، فهو أحد الأسئلة الشائعة بين المسلمين، والتي لا بدّ من توضيح إجابتها، فقد شرع الله تعالى للمسلمين خطبة الجمـعة في هذا اليوم العظيم، وجعل لها أركانًا وسننًا وشروطًا تتعلق بهذه الخطبة، ويهتم موقع مقالاتي عبر هذا المقال ببيان ما يجب أن تشتمل عليه خطبـة يوم الجمـعة من الأركان والشروط والسنن كما بينتها شريعة الدين الإسلامي.
خطبة الجمعة
قبل كلّ شيء، وقبل الخوض في بيان؛ مما تشتمل عليه خطبة الجمعة لا بدّ من التعريف بماهيّة هذه الخطبـة، فهي الاسم الفقهي الذي يطلقه المسلمون على الخطبتيـن الملقيتين من قبل الخطيب قبل إتمام صلاة الجمـعة، وهي من الشعائر التي يقوم بها الدين الإسلامي الحنيف، ولها العديد من الشروط والأركان التي ينبغي أن تشتملها كلّ خطبة، وقد خطب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أول خطبة في الإسلام في المدينة المنورة بعد هجرته إليها، فلم يخطب الجمعـة قبل ذلك في مكة المكرمة، والله ورسوله أعلم.
اقرأ أيضًا: حكم الكلام أثناء خطبة الجمعة محرم أو مكروه
مما تشتمل عليه خطبة الجمعة
مما ينبغي أن تشتمل عليه خطبة الجمعة أن يحمد الله ويثني عليه، والصلاة على رسول الله والشهادتين، والموعظة الحسنة، وتذكير الناس بالتقوى، ومن ثمّ يبدأ بموضوع خطبته، فإن أنهى الخطبة الأولى جلس للاستغفار، ثم قام وخطب الثانية، ودعا الله لعلها تصادف ساعة إجابة، هي الأمور التي ينبغي على كلّ خطبة أن تشتمل عليها، فقد سنّ لنا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هذه الأمور وجعلها شريعةً للمسلمين أجمعين في كلّ خطبة من خطب يوم الجمـعة المبارك، والله ورسوله أعلم.[1]
اقرأ أيضًا: هل خطبة الجمعة قبل الصلاة أم بعدها
ما ينبغي أن تشتمل عليه خطبة الجمعة ابن باز
أورد بعض السائلين لسماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- سؤاله حول مما ينبغي أن تشتمل عليه خطبة الجمعة، وقد أجاب الشيخ -رحمه الله- بما يأتي:[1]
مثلما تقدم، أولًا: حمد الله، والصلاة على النبي ﷺ، ويأتي بالشهادتين، ثم الموعظة، تذكير الناس، وعظهم بما يسر الله من الآيات والأحاديث، والكلام الطيب، ويقرأ بعض الآيات، نعم.
المقدم: قراءة سَبِّحِ والغاشية -يا شيخ- واردة؟
الشيخ: سنة مؤكدة، في صلاة الجمعة، سَبِّحِ والغاشية، أو الجمعة والمنافقين، سورة الجمعة وسورة المنافقين، أو سورة الجمعة مع هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1] كلها واردة.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الكلام مع الإمام أثناء خطبة الجمعة
شروط خطبة الجمعة
كذلك الخوض في بيان؛ مما تشتمل عليه خطبة الجمعة يدفع البعض إلى البحث عن شروطها، وقد أجمع أهل العلم على شرطين رئيسين، واختلفوا في بعضها، وهذه الشروط هي:[2]
- أن تكون الخطبة بعد دخول الوقت لصلاة الجمـعة، متفقاً عليه.
- أن تكون الخطبة قبل إقامة الصلاة وليس بعدها، متفق عليه.
- إخلاص النية لما ورد في السنة النبوية الشريفة أن الأعمال بالنيات، على خلاف أهل العلم.
- الجهر بالخطبة فلا يتحقق المقصود بها إلا جهراً، وهو ما قال به جمهور الفقهاء ما عد الحنفية.
- حضور عدد معين لإقامة الخطبة على خلاف أهل العلم.
اقرأ أيضًا: حكم الإنصات لخطبة الجمعة هل هو واجب
أركان خطبة الجمعة
إن ما ورد في الصحيح من أقوال أهل العلم عن أركان الخطبة هو ركن وحيد وهو أقل ما يصدق عليه اسم الخطبة عرفًا، وقد ورد في ذلك:
- قول شيخ الإسلام ابن تيمية: “ولا يكفي في الخطبة ذم الدنيا وذكر الموت، بل لا بد من مسمى الخطبة عرفا، ولا تحصل بإيجاز يفوت به المقصود”.
- قول الشيخ عبد الرحمن السعدي: “اشتراط الفقهاء الأركان الأربعة في كل من الخطبتين فيه نظر، وإذا أتى في كل خطبة بما يحصل به المقصود من الخطبة الواعظة الملينة للقلوب، فقد أتى بالخطبة، ولكن لا شك في أن حمد الله، والصلاة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وقراءة شيء من القرآن من مكملات الخطبة، وهي زينة لها”.
اقرأ أيضًا: مما تشتمل عليه خطبة الجمعة
سنن خطبة الجمعة
إن الخوض في بيان؛ مما تشتمل عليه خطبة الجمعة يدفع إلى تقديم ما يسن فيها فيما يأتي:[3]
- اعتماد الخطيب على العصا: فقد ورد في الحسن من الحديث: “[عَن] الحَكَمِ بنِ حَزْنٍ الكُلَفيُّ قالَ: وفدتُ إلى رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- سابعَ سبعةٍ – أو تاسعَ تسعةٍ – فدخَلنا عليهِ، فقُلنا: يا رسولَ اللَّهِ، زُرناكَ فادعُ اللَّهَ لَنا بِخَيرٍ، فأمرَ بنا، أو أمرَ لَنا بشَيءٍ منَ التَّمرِ، والشَّأنُ إذ ذاكَ دونٌ، فأقَمنا بِها أيَّامًا شَهِدنا فيها الجمعةَ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقامَ متوَكِّئًا على عَصًا، أو قوسٍ، فحمِدَ اللَّهَ وأثنى عليهِ، كلماتٍ خفيفاتٍ طيِّباتٍ مبارَكاتٍ، ثمَّ قالَ: أيُّها النَّاسُ، إنَّكم لَن تُطيقوا – أو لَن تفعَلوا – كلَّ ما أمرتُمْ بِهِ، ولَكِن سدِّدوا، وأبشِروا”.[4]
- إقبال الخطيب على الناس: عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- قال: “أَتَى رِجَالٌ إلى سَهْلِ بنِ سَعْدٍ يَسْأَلُونَهُ عَنِ المِنْبَرِ، فَقالَ: بَعَثَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إلى فُلَانَةَ، امْرَأَةٍ قدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ: أنْ مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلُ لي أعْوَادًا، أجْلِسُ عليهنَّ إذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ، فأمَرَتْهُ يَعْمَلُهَا مِن طَرْفَاءِ الغَابَةِ، ثُمَّ جَاءَ بهَا، فأرْسَلَتْ إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بهَا، فأمَرَ بهَا فَوُضِعَتْ، فَجَلَسَ عليه”.[5]
- توجه المسلمون للخطيب بأنظارهم: فقد بين الفقهاء أنه من الأدب في الاستماع، وقد فعل ذلك أنس بن مالك -رضي الله عنه- كما ورد في الآثار.
- رفع الخطيب صوته: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: “كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- إذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حتَّى كَأنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يقولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، ويقولُ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، وَيَقْرُنُ بيْنَ إصْبَعَيْهِ: السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، ويقولُ: أَمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ خَيْرَ الحَديثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، ثُمَّ يقولُ: أَنَا أَوْلَى بكُلِّ مُؤْمِنٍ مِن نَفْسِهِ؛ مَن تَرَكَ مَالًا فَلأَهْلِهِ، وَمَن تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا، فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ. [وفي رواية]: كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- يَومَ الجُمُعَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عليه، ثُمَّ يقولُ علَى إثْرِ ذلكَ، وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ، ثُمَّ سَاقَ الحَدِيثَ، بمِثْلِهِ”.[6]
- تقصير الخطبة: ورد في صحيح مسلم: “خَطَبَنَا عَمَّارٌ، فأوْجَزَ وَأَبْلَغَ، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا: يا أَبَا اليَقْظَانِ، لقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ، فلوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ، فَقالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يقولُ: إنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ؛ مَئِنَّةٌ مِن فِقْهِهِ، فأطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَاقْصُرُوا الخُطْبَةَ، وإنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْرًا”.[7]
- سنن أخرى لخطبة الجمعة: أن يخطب الإمام قائمًا، ويستحب جلوسه بين الخطبتين، والدعاء في الخطبة، ولا يشرع للإمام رفع يديه في خطبة الجمعة، والله ورسوله أعلم.
مكانة خطبة يوم الجمعة
تكمن أهمية ومكانة خطبة يوم الجمعة بما امتازت به من المزايا والخصائص التي لا تتوفر في غيرها من سائر الخطب، ومنها:[8]
- أنها تقام في بيوت الله، التي تعمرها السكينة، وتغشاها الرحمة، وتحفه الملائكة بأجنحتها.
- أنها تقام في أفضل الأيام التي طلعت فيه الشمس قط.
- إن الله -عز وجل- قد أمر بحضورها، فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.[9]
- التزين للخروج إليها وحضورها على أفضل الأحوال.
مقالات مقترحة
نرشح لكم أيضًا قراءة المقالات التالية:
مما تشتمل عليه خطبة الجمعة مقالٌ فيه تمّ التعريف بماهية خطبة الجمـعة وأركان الخطبة وسننها وشروطها وجل ما ينبغي أن تشتمل عليه كل خطبـة من خطب الجمـعة كما ورد في السنة النبوية الشريفة.
المراجع
- ^ binbaz.org.sa , ما ينبغي أن تشتمل عليه خطبة الجمعة؟ , 24/12/2023
- ^ islamqa.info , شروط وأركان وسنن خطبة الجمعة , 24/12/2023
- ^ dorar.net , ما يُسنُّ في الخُطبةِ , 24/12/2023
- ^ صحيح أبي داود , الألباني/شعيب بن زريق/1096/حسن
- ^ صحيح البخاري , البخاري/سهل بن سعد الساعدي/2094/صحيح
- ^ صحيح مسلم , مسلم/جابر بن عبد الله/867/صحيح
- ^ صحيح مسلم , مسلم/عمار بن ياسر/869/صحيح
- ^ alukah.net , أهمية خطبة الجمعة وأهدافها , 24/12/2023
- ^ سورة الجمعة , الآية 9