هل يجوز الترحم على المنتحر

هل يجوز الترحم على المنتحر، فالتحذير من الانتحار ورد كثيرًا في القرآن الكريم والسنة النبوية، فنفس الإنسان ليست ملكاً له كي ينهي هذه الحياة متى شاء، بل هي ملك لله -سبحانه وتعالى- خالق كل شيء، فهل تجوز حينئذٍ الصلاة على من انتحر كما يصلي الناس على من مات ميتة طبيعية، في هذا المقال يتوقف موقع مقالاتي لبيان الحكم الشرعي في هذه المسألة، إضافة للوقوف على بعض الأحكام الأخرى المتعلقة بالمنتحر.

هل يجوز الترحم على المنتحر

قال العلماء إنّه يجوز الترحم على المنتحر؛ لأنّه لم يمت على غير دينه؛ ففاعل الكبيرة لا يكفر كما ذهب العلماء، فما دام المسلم لم يمُت على شرك، فإنّه ما يزال على الإسلام وهو تحت مشيئة الله -تعالى- يرجى له الرحمة والمغفرة كما هو معتقد أهل السنة والجماعة في مرتكب الكبيرة،[1] ودليل جواز الترحم على المنتحر الحديث الذي يستدل به العلماء، ويرويه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- فيقول:

“لَمَّا هاجَرَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إلى المَدِينَةِ، هاجَرَ إلَيْهِ الطُّفَيْلُ بنُ عَمْرٍو وهاجَرَ معهُ رَجُلٌ مِن قَوْمِهِ، فاجْتَوَوُا المَدِينَةَ، فَمَرِضَ، فَجَزِعَ، فأخَذَ مَشاقِصَ له، فَقَطَعَ بها بَراجِمَهُ، فَشَخَبَتْ يَداهُ حتَّى ماتَ، فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بنُ عَمْرٍو في مَنامِهِ، فَرَآهُ وهَيْئَتُهُ حَسَنَةٌ، ورَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ، فقالَ له: ما صَنَعَ بكَ رَبُّكَ؟ فقالَ: غَفَرَ لي بهِجْرَتي إلى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: ما لي أراكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ؟ قالَ: قيلَ لِي: لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ ما أفْسَدْتَ، فَقَصَّها الطُّفَيْلُ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ ولِيَدَيْهِ فاغْفِرْ”،[2] والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز الصلاة قبل الاذان بدقائق

هل يجوز الترحم علي المنتحر ابن باز

لم يتطرق الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في فتاويه المنشورة على موقعه الرسمي إلى مسألة الترحم على المنتحر، ولكنّه قال إنّه يُغسل ويُكفّن ويُصلى عليه ويُدفن في مقابر المسلمين؛ فصحيح أنه قد أتى جريمة عظيمة، ولكنّ المعصية لا تمنع الصلاة عليه، والله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: ما هو حكم لبس الاساور للرجال

هل يجوز الترحم على المنتحر إسلام ويب

ذكر القائمون على مركز الفتوى في موقع إسلام ويب إنّه يجوز الترحم على المنتحر؛ لأنّه لم يكفر بفعلته تلك، فإنّ مرتكب الكبيرة لا يكفر كما قال العلماء؛ فمذهب المسلمين من أهل السنة أنّ المسلم متى مات وهو غير مشرك، فإنّه يكون تحت مشيئة الله عز وجل، إن شاء رحمه وإن شاء عذّبه، ويُرجى له الرحمة والمغفرة كما قال العلماء، والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: حكم لبس السلاسل للرجال

هل تجوز الصلاة على المنتحر

ذهب العلماء إلى أنّ قاتل نفسه يُصلّى عليه ولا يُترك، وأمّا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بترك الصلاة على من قتل نفسه فإنّه محمول على التنفير من الانتحار بدليل أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد امتنع عن الصلاة على رجل عليه دَين للتنفير من الدَّين، ولكنّه أمر أصحابه بالصلاة عليه، فهذا الفعل للتنفير من العمل وليس على أنّه كافر، والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: حكم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال في اللباس

هل المنتحر يخلد في النار

مسألة تخليد المنتحر في نار جهنم من المسائل التي اختلف فيها المسلمون مع أنّها قد وردت في حديث صحيح، فيقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: “مَن تَرَدَّى مِن جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهو في نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فيه خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَن تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَن قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَجَأُ بِهَا في بَطْنِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا”،[5] فمن هذا الحديث نشأ الخلاف بين المسلمين في هذه المسألة.[6]

وبعد الجمع بين هذه الأحاديث والأحاديث التي تقول بأنّ الموحد لا يخلد في النار توصل العلماء لعدة أقول في توجيه هذا الحديث، فقالوا ما يأتي:[6]

• إنّ هذا الحديث محمول على استحلال الانتحار، فإذا استحله صار كافرًا، والكافر خالد في النار بلا شك.
• أنّ لفظ الخلود في هذا المقال محمول على الزجر والتغليظ لا على الحقيقة.
• أنّ المذكور في الحديث هو جزاء المنتحر فعلًا، ولكنّ الله -تعالى- قد تكرّم على عباده الموحدين الذين لم يشركوا به بأن يُخرجهم من النار إلى الجنة بإذنه، والله أعلم.

شاهد أيضًا: ما هو حكم دخول الكنيسة

وإلى هنا يكون قد تم مقال هل يجوز الترحم على المنتحر، بعد الوقوف على حكم هذه المسألة في الشريعة الإسلامية، والوقوف كذلك على بعض الأحكام المتعلقة بالمنتحر كالصلاة عليه ومسألة خلوده في النار.