ما حكم الصيام في شهر شعبان

ما حكم الصيام في شهر شعبان، وهل يصح الصوم بنية التطوع على مدار الشهر أو في ليلة النصف من شعبان؟ هي من الأسئلة الشرعية الدينية التي تتعلق بشهر شعبان المبارك، والتي يهتم الكثير من المسلمين بالتعرف على إجابتها لذا من خلال موقع مقالاتي وعبر السطور التالية سيتمّ بيان حكم صيام شعبان وما حكم صيام التطوع في شهر شعبان.

صيام التطوع

إنّ صيام التطوع هو الصيام الذي يكون من غير فريضة، وهو من أجلّ العبادات وقربة من أشرف القربات، وهو من الطاعات المباركة التي لها آثار عظيمة وقد أخبر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا”.[1] فصيام التطوع بابٌ من أبواب الخير وهو سبب من أسباب مغفرة الذنوب ونيل الأجر العظيم، وهو الحصن الحصين من النار، ورادعٌ عن الشهوات، وقد ذكرت النصوص الشرعية الأيّام التي يستحبّ صيامها كالستة من شوال، والعشر الأوائل من ذي الحجة وغيرها.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز صيام يوم الجمعة في شهر شعبان

ما حكم الصيام في شهر شعبان

إنّ إكثار الصيام في شهر شعبان سنّة مستحبّة ومشروعة للمسلمين، فقد بيّن أهل العلم باختلاف مذاهبهم، أنّ شهر شعبان من الأشهر المباركة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومها ويكثر من صومها، لذلك إنّ من المستحب للمسلمين الإكثار من الصوم فيه، وقد استند أهل العلم في ذلك إلى الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقد روت أمّ المؤمنين أمّ سلمة رضي الله عنها قالت: “ما رَأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ صامَ شهرَينِ مُتتابعَينِ، إلَّا أنَّه كانَ يَصِلُ شعبانَ برمَضانَ”.[3] وروت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “كانَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: قدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: قدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِن شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِن صِيَامِهِ مِن شَعْبَانَ كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا”.[4] وقد ذكر الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة جميعًا أنّ صيام شهر شعبان من أفضل صيام التطوع وهو أمرٌ مستحب والله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: هل يجوز صيام آخر يوم من شعبان ؟

حكم صيام بعد منتصف شعبان

قد أخبر أهل العلم أنّ الصوم بعد منتصف شعبان لا يصحّ ولا يجوز، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “إذا انتصفَ شعبانُ فلا تَصوموا”.[6] لذلك على المسلم أن يصوم من أول شهر شعبان ولا يصوم بعد مرور منتصفه، ولو بدأ الصوم فيه من بعد ذلك لا يصحّ ذلك له، والأدلة على ذلك كثيرة من الشريعة، فقد روى الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تَقَدَّمُوا رَمَضانَ بصَوْمِ يَومٍ ولا يَومَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ”.[7] فلو وافق صيامه بعد منتصف شعبان عادةً يصومها كصيام الاثنين والخميس جاز له ذلك أمّا الصوم لأنّه شعبان فلا يجوز، والله ورسوله أعلم.[8]

حكم صيام شهر شعبان كامل

اختلف أهل العلم في حكم الصيام في شهر شعبان إن كان المستحبّ أن يصومه المسلم كاملًا أم بعضًا منه، وذلك لما جاء في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يشير للأمرين معًا، فقد ذكر بعض أهل العلم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كلّه في سنين، وفي سنين أخرى يصوم بعضه، وآخرون قالوا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يكمل صيام شهرٍ إلا شهر رمضان، وذلك فيه إشارة أنّه لم يصم شعبان كاملًا، والراجح أنّه كان عليه الصلاة والسلام يصوم معظم شعبان، فحُمل على أنّه كان يصومه كلّه وأنّه يصله برمضان، فالأمر فيه سعة والله ورسوله أعلم.[9]

شاهد أيضًا: دعاء دخول شهر شعبان

حكم صيام ليلة النصف من شعبان

إنّ صيام ليلة النصف من شعبان تخصيصًا لها دون باقي الأيّام لا يصحّ وهو من البدع المنكرة كما بيّن أهل العلم، فتخصيص النصف من شعبان بالعبادة لا أصل له في السنة الشريفة، ولا يصحّ من المسلمين ذلك، فالكثير من الناس يعتمد على ما ورد في ليلة النصف من شعبان في الحديث الضعيف: “إذا كانت ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ فقوموا ليلَها، وصوموا نَهارَها، فإنَّ اللَّهَ يَنزِلُ فيها لغُروبِ الشَّمسِ إلى سماءِ الدُّنيا، فيقولُ: ألا من مُستغفِرٍ لي فأغفرَ لَه! ألا مُسترزِقٌ فأرزقَهُ ألا مُبتلًى فأعافيَهُ ألا كذا ألا كذا حتَّى يطلُعَ الفجرُ”.[10] ولا يصحّ الاعتماد عليه لأنّ أهل العلم قالوا أنّه موضوع، ويمكن للمسلم أن يصوم النصف من شعبان متّصلًا بما سبقه من الأيام، أما تخصيصها فلا يجوز، أو أن يكون صيامها لعادةٍ اتّخذها كأن يصوم الأيام البيض من كلّ شهر ووافق صيامها صيام يوم النصف من شعبان فلا بأس فيه ولا حرج، والله أعلم.[11]

بهذا نختتم مقال ما حكم الصيام في شهر شعبان، الذي عرّف بصيام التطوع وبيّ فضله، كما ذكر أقوال أهل العلم في صيام شهر شعبان، وبيّن حكم صيام النصف الأخير منه، وغير ذلك من الأحكام المتعلقة بالصوم في شعبان المبارك.