جدول المحتويات
دعاء الرزق وتيسير الامور من أهم ما يَتَتَبعه المسلم، فالله تعالى هو الذي يرزق وهو الذي يعطي، فيعطي سبحانه من يشاء ويمنع عمن يشاء، والمسلم يرجو رحمة ربه في الآخرة ويرجو سعة رزقه في الدنيا أيضًا وأن يُيسر الله تعالى له حاله في جميع مناحي حياته، وخاصةً في هذا الزمان الذي أصبح في كثيرٍ من نواحيه يعجّ بالفتن والشهوات التي قد تحول دون إتمامه ما يريد.
دعاء الرزق وتيسير الامور
إن دعاء الرزق وتيسير الامور يأتي في طيّ التَذَكُر بأن الله تعالى هو خير الرازقين، ولنا في رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أسوةٌ حسنة، فقد جاء هذا المعنى في أكثر من موضع في الأحاديث الشريفة، مثل:
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا أَخَذْنَا مَضْجَعَنَا أَنْ نَقُولَ : “اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ” رواه مسلم.
- “اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ” حَسَّنه الألباني في صحيح الترمذي.
- وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي ؟! قَالَ : أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ ؟! ، قَالَ : قُلْ : ( اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ) حَسَّنه الألباني في صحيح الترمذي، و”المكاتبة” أن يدفع المال لسيده ليعتقه، و”صير” اسم جبل.
دعاء تيسير الأمور والفرج
دعاء الرزق وتيسير الامور لابد وأن يأتي موافقًا للسُنّة ولا حرج من أن يدعو الإنسان بما شاء من دعاء، ولكن معرفة هديّ النبي –صلى الله عليه وسلم- أمرٌ ضروري، وقد كان من حديثه في تفريج الهمّ:
- “مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي ، إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا ، قَالَ فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ بَلَى ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا” رواه أحمد من حديث ابن مسعود.
- هذا اعترافٌ من العبد بأنه لا حول له ولا قوة، فيُقرّ بين يدي مولاه بأنه عبده وابن عبده وابن أمته مما يجعل الدعاء مُستجابًا؛ فهو خروج من حوله وقوته إلى حول الله وقوته واعترافًا بأن قضاء الله عدل.
- يعمل المسلم بما جاء في الكتاب العزيز والسُنّة الـمُطهرة بدعاء الله تعالى بأسمائه الحسنى وهو أرجى للإجابة.
- يرى المسلم أن القرآن الكريم هو السبيل الوحيد للخلاص من الهمّ والحَزن والكرب فيدعو ربه بأن يجعله في قلبه غضًا طريّا، ونورًا في صدره يُبصر به طريقه.
دعاء لتيسير الأمور وقضاء الحوائج
يستطيع المسلم أن يقتفي أثر الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الدعاء لكي يُيسر الله أمره ويقضي حوائجه، ومن ذلك ما جاء في الأحاديث التالية:
- “دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ” صحيح، ورواه الترمذي وأحمد.
- عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الحلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ” متفقٌ عليه.
- “اللَّهمَّ رَحمَتَكَ أرْجو، فلا تَكِلْني إلى نَفْسي طَرْفةَ عَيْنٍ، أصْلِحْ لي شَأْني كُلَّهُ، لا إلهَ إلَّا أنتَ” _صحيح ابن حبان.
بعد أن اتضح أن دعاء الرزق وتيسير الامور هو من سُنة النبي –صلى الله عليه وسلم- ومن دأب الصالحين فإن العبد المؤمن يكون حريصًا على ذلك أشد الحرص؛ إذ لا تحقيق بموعود الله تعالى إلا بالعمل بما جاء به القرآن الكريم والسُنّة النبوية الشريفة.