فضل العشر الاواخر من شهر رمضان

فضل العشر الاواخر من شهر رمضان هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، فقد أوصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين بالإكثار من التعبد والدعاء في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وكذلك تحرّي ليلة القدر والتي جعل لها الله فضلًا أكثر من ألف شهر، ويهتمّ موقع مقالاتي عبر هذا المقال ببيان ما ورد في الكتاب والسنة من فضائل عظيمة لليالي العشر الأخيرة من شهـر رمضـان.

فضل العشر الاواخر من شهر رمضان

خصّ الله -سبحانه وتعالى- العشـر الأواخـر بفضائل وخصائص عظيمة تميّزها عن سائر الأيام في هذا الشهر الكريم، وفيما يأتي نقدّم لكم فضل العشر الأواخر من شهر رمضان:[1]

• أن جعل فيها ليلة القدر: وجعل الله لها من الثواب ما يعدل أكثر من ثواب ألف شهر، كذلك قال تعالى في سورة القدر: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}.[2]
• أن جعل نزول القرآن الكريم في هذه الليالي: فقد أنزل الله عزّ وجلّ القرآن الكريم في ليلة القدر من العشر الأواخر في رمضان، قال تعالى في سورة الدخان: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}.[3]
• أن أقسم الله عزّ وجلّ بها: فقد قال تعالى في سورة الفجر: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ}.[4]

شاهد أيضًا: خطبة عن فضل العشر الاواخر من رمضان وليلة القدر

فضل ليلة القدر

كذلك الخوض في بيان فضل العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك يدفع إلى ذكر وتقديم فضائل ليلة القدر فيما يأتي:[5]

• أنزل الله عزّ وجلّ فيها القرآن الكريم رحمةً وهدايةً للعالمين، وسبيلًا لسعادتهم ودستورًا لهم في الدنيا والآخرة.
• جعلها الله سبحانه وتعالى خيرًا من ألف شهر، فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه في صحيح ابن ماجه قال: “دخلَ رمضانُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ هذا الشَّهرَ قَد حضرَكُم وفيهِ ليلةٌ خيرٌ مِن ألفِ شَهْرٍ من حُرِمَها فقد حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ ولا يُحرَمُ خيرَها إلَّا محرومٌ“.[6]
• تنزل فيها الملائكة من السماوات إلى الأرض بالخير والبركات والرحمات.
• جعلها المولى سبحانه وتعالى سلامٌ للمسلمين من العذاب والعقاب.
• أنزل فيها الله تعالى سورة كاملة في سورة القرآن الكريم.

شاهد أيضًا: صلاة التراويح في العشر الاواخر كم ركعه

كيف كان حال النبي في العشر الاواخر من شهر رمضان

كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أكثر ما يكون من اجتهاده في الشهر الكريم يكون في العشر الأواخر من شهر رمضان، فقد كان يعتكف فيها ويتحرى ليلة القدر، وقد ورد في الصحيح بعض الأحاديث النبوية الشريفة لتي تصف حال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في هذه الأيام المباركة، ونذكر لكم منها ما يأتي:

• عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ”.[7]
• كذلك روت السيدة عائشة رضي الله عنها: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَجْتَهِدُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ، ما لا يَجْتَهِدُ في غيرِهِ“.[8]
• وعن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ”.[9]

شاهد أيضًا: كلمة عن العشر الأواخر من رمضان

أعمال مستحبة في العشر الاواخر من رمضان

إنّ الخوض في بيان فضل العشر الأواخر من شهر رمضان يدفع البعض إلى البحث عن الأعمال المستحبة في هذه الأيام المباركة والتي يعظم أجرها عند الخالق سبحانه وتعالى، ومن أهمّ الأعمال التي حرص على القيام بها الأولون والسابقون نذكر لكم ما يأتي:[10]

• إحياء الليل: فهو من الأعمال العظيمة في هذا الشهر الكريم والليالي الفاضلة، ويكون إحياء الليل بتلاوة القرآن الكريم وصلاة القيام وكذلك بالتضرع ومناجاة المولى سبحانه وتعالى.
• إيقاظ الرجل أهله للصلاة: وذلك من هدي الحبيب المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- في العشر الأواخر من شهــر رمضـان.
• شدّ المئزر: والمقصود بذلك اعتزال النساء والانشغال بالطاعة والعبادة للسمو بالنفس عن الشهوات وحبّ الدنيا إلى حبّ الله وطاعته سبحانه وتعالى.
• الاعتكاف في المساجد: كذلك هو من هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم في العشر الأخيرة من رمضان.
• تلاوة القرآن: وهو من أهم الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلمون بتدبر وخشوع، وذلك أنّ الله تعالى قال في سورة البقرة: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.[11]

شاهد أيضًا: دعاء ختم القران في رمضان ليلة القدر مكتوب

نماذج من اجتهاد السلف الصالح في العشر الأواخر

إنّ من فرط حبّ السلف الصالح والصحابة الكرام لهذه الليالي المباركة أنهّم كانوا يغتسلون في كلّ ليلةٍ من لياليها ويلبسون جديد الثياب ويتطيبون كأنّها العيد، فأحيوا لياليها بالصلاة وتلاوة القرآن الكريم، ولم يقتصروا بفعل ذلك على أنفسهم، بل كانوا يوقظون أهليهم من الأولاد والنساء اقتداءً بما فعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد قال ابن رجب: “ولم يكُن النبيُّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم – إذا بقي من رمضان عشَرة أيَّام، يدَع أحدًا من أهلِه يُطيق القيام إلاَّ أقامه”، وهذا ما كان من ديدن الفاروق عمر بن الخطاب في جميع ليالي رمضان وليس فقط في العشر الأواخر، وكذلك فعل طلحة بن مصرف لمّا أمر نساءه وخدمه وبناته بقيام الليل، فقد قال لهم: “صلُّوا ولو ركعَتَين في جوْف اللَّيل، فإنَّ الصَّلاة في جوْف اللَّيل تحطُّ الأوْزار، وهي من أشْرف أعمال الصَّالحين”، وكانوا رضوان الله تعالى عليهم أجمعين يهتمّون بتلاوة القرآن الكريم، فقد نقل الذهبي عن الأسود بن زيد: “أنَّه كان يَختم القرآن في رمضان في كلِّ ليلتَين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يَختم القُرآن في غير رمضان في كلِّ ستِّ ليال”، وروي أن قتادة كان يختم القرآن كلّ سبع ليالٍ في غير رمضان، فإن دخل رمضان ختمه كلّ  ثلاث ليالٍ، فإذا دخل العشر الأخير ختم كلّ ليلةٍ مرّة، وغيرهم من الصحابة والسلف الذين اجتهدوا في الطاعات والعبادات في هذه الليالي المباركة.[12]

شاهد أيضًا: من خصائص شهر رمضان أنه فيه ليلة القدر

أحاديث عن العشر الأواخر من رمضان

ندرج لكن بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرت فضل العشر الاواخر من شهر رمضان وغيرها من الأحاديث التي ذكرت هذه الليالي بالعموم فيما يأتي:

• روي في الضعيف من الحديث عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “عن لَميسَ أنَّها قالتْ: سألتُ عائِشةَ، قالت: قُلتُ لها: المَرأةُ تَصنَعُ الدُّهنَ تَحَبَّبُ إلى زَوجِها. فقالت: أَميطي عنكِ تلك التي لا يَنظُرُ اللهُ عزَّ وجلَّ إليها. قالت: وقالتِ امرَأةٌ لِعائِشةَ: يا أُمَّهْ. فقالتْ عائِشةُ: إنِّي لستُ بأُمِّكنَّ، ولكِنِّي أُختُكنَّ. قالت عائِشةُ: وكان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخلِطُ العِشرينَ بصَلاةٍ ونَومٍ، فإذا كان العَشرُ، شمَّرَ وشدَّ المِئزَرَ -أو شدَّ الإزارَ- وشمَّرَ”.[13]
• كذلك عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ويقولُ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ“.[14]
• عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال في ليلة القدر: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: التَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، في تَاسِعَةٍ تَبْقَى، في سَابِعَةٍ تَبْقَى، في خَامِسَةٍ تَبْقَى“.[15]

فضل العشر الاواخر من شهر رمضان مقالٌ فيه تمّ بيان الفضائل التي جعلها المولى القدير سبحانه وتعالى في العشـر الأواخـر من شهـر رمضـان المبارك، كما قدّم المقال بعضًا من الأعمال المستحبّة في هذه الليالي المباركة ونماذج من حال النبي واجتهاد السلف الصالح فيها.