جدول المحتويات
هل يجوز صيام عرفة قبل القضاء هو أحد أهم الأحكام الشرعية التي يتساءل عنها الكثير من المسلمين في الفترة التي تسبق موعد يوم عرفة أي في العشر الأوائل من ذي الحجة، وذلك لأنّ الكثير من المسلمين يدخلون على يوم ذي الحجة وهم عليهم قضاء من رمضان، وفي هذا المقال من موقع مقالاتي سوف نلقي الضوء على حكم صيام يوم عرفة بنية القضاء، وعلى تعريف يوم عرفة وحكم صيام هذا اليوم وفضل صيامه وحكم الجمع بين صيام عرفة وصيام القضاء أيضًا.
ما هو يوم عرفة
إنّ يوم عرفة هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة من كل عام ميلادي، ويُعرف باسم تاسوعاء، وهو اليوم الذي يصعد فيه حُجاج بيت الله الحرام على جبل عرفات وهو ركن أساسي من أركان الحج في الإسلام، ومنطقة جبل عرفات أو جبل عرفة تقع في جهة الشرق من مكة المكرمة وتحديدًا على الطريق الذي يربط بين مكة والطائف، وجدير بالقول إنّه مع شروق شمس يوم عرفة التاسع من ذي الحجة يتوجه حجاج بيت الله الحرام من منطقة منى إلى عرفة للوقوف بها، وهو ركن أساسي ومهم جدًا من أركان الحج، ورد عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنّه قال في الحديث الصحيح: “الحجُّ عرَفَةَ، مَنْ جاء قبلَ طلُوعِ الفجْرِ من ليلةِ جمْعٍ، فقدْ أدرَكَ الحَجَّ، أيامُ مِنًى ثلاثةٌ، فمَنْ تعجَّلَ في يوميْنِ فلَا إثمَ عليه، ومن تأخَّرَ فلا إثمَ عليهِ”[1] والله تعالى أعلم.[2]
اقرأ أيضًا: متى موعد يوم عرفة
حكم صيام يوم عرفة
يختلف حكم صيام يوم عرفة بين الحاج وغير الحاج، وفيما يأتي نفصل في هذين الحكمين:
- صيام عرفة للحاج: فأمّا صيامه للحاج فهو غير مستحب، وهذا ما أجمع عليه أهل العلم، حيث إنّه قد يشق على الحاج الصعود لعرفة والدعاء في هذا اليوم بسبب الصيام، لذا فإنّ من الأفضل ألّا يصوم الحاج هذا اليوم، قال الكاساني: “وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ: فَفِي حَقِّ غَيْرِ الْحَاجِّ مُسْتَحَبٌّ، لِكَثْرَةِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالنَّدْبِ إلَى صَوْمِهِ، وَلِأَنَّ لَهُ فَضِيلَةً عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ، وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْحَاجِّ إنْ كَانَ لَا يُضْعِفُهُ عَنْ الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقُرْبَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ يُضْعِفُهُ عَنْ ذَلِكَ يُكْرَهُ لِأَنَّ فَضِيلَةَ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ، وَيُسْتَدْرَكُ عَادَةً، فَأَمَّا فَضِيلَةُ الْوُقُوفِ، وَالدُّعَاءِ فِيهِ لَا يُسْتَدْرَكُ فِي حَقِّ عَامَّةِ النَّاسِ عَادَةً إلَّا فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَكَانَ إحْرَازُهَا أَوْلَى”.
- صيام عرفة لغير الحاج: أمّا لغير الحاج فهو سنة مؤكدة عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، حيث ثبت أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- حث المسلمين على صيام هذا اليوم، قال -عليه الصلاة والسلام-: “صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ”[3] لذا فعلى جميع المسلمين من غير الحجاج الحرص على صيام هذا اليوم وكسب الأجر والثواب العظيم لصيامه، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضًا: حكم صيام يوم عرفة للحاج ولغير الحاج
هل يجوز صيام عرفة قبل القضاء
أجمع أهل العلم على أنه يجوز للمسلم أن يصوم عرفة قبل أن يقضي ما عليه من أيام رمضان، وذلك لأنّ القضاء مُتاح للمسلم حتَّى دخول رمضان التالي، والأفضل كما ذكر أهل العلم أن يصوم المسلم يوم عرفة بنية القضاء أولًا فالقضاء في الإسلام أولى من التطوع، ثمَّ ينوي صيام عرفة، ويدعو الله -سبحانه وتعالى- أن يكتب له أجر النيتين، وفي هذا الحكم الشرعي المهم يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:[4]
صيام التطوع صيام نفل، ليس واجباً على المرء، ولا متعلقاً بذمته، وقضاء رمضان أو صيام الكفارة الواجبة صوم واجب، يتعلق بذمة الصيام، لا تبرأ ذمته إلا بفعله، وإن كان كذلك، فإنه من المعلوم أن تقديم الواجب أهم، وأن من ذهب يتطوع بالصوم مع بقاء الواجب في ذمته، فقد خالف ما ينبغي له من العبادة، ولهذا ذهب كثير من أهل العلم أنه إذا صام تطوعًا مع بقاء الواجب عليه خلاف رمضان، فإن صومه لا يصحّ، والذين قالوا بصحة صومه يرون أن الأفضل أن يبدأ بالواجب لأنه أهم، ولأن الذمة مشغولة بها حتى يفعلها، فإن كان يريد خيراً، فليبدأ بالواجب عليه قبل التطوع، هذا بالنسبة للتطوع المطلق، أو التطوع المقيد بيوم معين كيوم عرفة ويوم عاشوراء.
اقرأ أيضًا: متى يبدأ يوم عرفة ومتى ينتهي
حكم الجمع بين صيام عرفة وصيام القضاء
ذكر أهل العلم أنّه يجوز للمسلم غير الحاج أنّ يجمع بين صيام عرفة وصيام القضاء، فيصوم يوم التاسع من ذي الحجة بنية قضاء يوم من الأيام التي أفطرها في رمضان، ويصومه أيضًا بنية التطوع في يوم عرفة، وهذا ثابت في الشريعة الإسلامية، والسبب هو أنه قد يكتب الله رب العالمين للمسلم أجر القضاء، وأجر صيام عرفة، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضًا: أفضل وقت للدعاء في يوم عرفة
فضل صيام يوم عرفة
لا شك في أن لصيام يوم عرفة فضلًا عظيمًا وثوابًا جزيلًا من الله رب العالمين، فقد ثبت عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّ صيام يوم عرفة يكفّر سنة سابقة وسنة لاحقة، قال -عليه الصلاة والسلام-: “صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ” [3] فعلى المسلم أن يحافظ على صيام هذا اليوم إذا لم يكن من حُجاج بيت الله الحرام، وأن يبتعد عن صيامه إذا كان حاجًا حتَّى لا يرتكب إثمًا من حيث لا يعلم، والله تعالى أعلم.
إلى هنا نختم هذا المقال الذي سلّطنا فيه الضوء على هل يجوز صيام عرفة قبل القضاء وذلك بعد أن عرفنا فيه يوم عرفة وحكم صيام هذا اليوم، بالإضافة إلى حكم الجمع بين صيام عرفة وصيام القضاء، وسلطنا الضوء في الختام على فضل صيام يوم عرفة في الإسلام.