هل يجوز الاعتكاف في البيت

أجمع العلماء على أن الأصل في الاعتكاف أن يكون في المسجد، لا يجوز الاعتكاف في البيوت سواء للرجل أو للمرأة، فلا يصح الاعتكاف إلا في المسجد، ولكن في حال لم يكن الاعتكاف متاحاً لظرف خارج عن إرادة الشخص، أو في حالة كانت المساجد مغلقة لسبب قاهر،فإنه لا مانع في الشرع من الاعتكاف في المنزل، فقد عرف عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لم يعتكف إلا في المسجد، فهو من السنن التي يجب الالتزام بها خاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، فكما روي عَنْ السيدة عَائِشَةَ -رضي الله عنها- في الاعتكاف في رمضان أنها قالت: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ”.[3]

شاهد أيضا: ماذا افعل بالعشر الاواخر من رمضان

حكم الاعتكاف

يعتبر الاعتكاف سنة مؤكدة من سنن الرسول -صلى الله عليه وسلم- للرجال والنساء وفق إجماع الأئمة الأربعة: الشافعي، والمالكي، والحنبلي، والحنفي، وقد حرص على تأديتها، وأوصى أمته بالعمل بها، خاصة في شهر رمضان المبارك الذي يتسابق فيه المسلمون لنيل الأجر والثواب، ومما يدل ما ورد عن أبي سعيدٍ الخدري رَضِيَ اللهُ عنه قال: “إنَّ رَسولَ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- اعتكفَ العَشرَ الأُوَلَ من رمضانَ، ثم اعتكف العَشرَ الأوسطَ في قبَّةٍ تركيَّةٍ على سُدَّتِها حَصيرٌ.. ثم أطلَعَ رأسَه فكَلَّمَ الناس، فدَنَوا منه، فقال: إنِّي اعتكفْتُ العَشرَ الأُوَلَ، ألتمِسُ هذه الليلةَ، ثم اعتكفتُ العَشرَ الأوسطَ، ثم أتيتُ، فقيل لي: إنَّها في العَشرِ الأواخِرِ، فمن أحَبَّ منكم أن يعتكِفَ، فليعتكِفْ، فاعتكَفَ النَّاسُ معه”.[4]

شروط الاعتكاف

ينبغي توفر شروط معينة في الشخص المعتكف وهي كما يأتي:

الإسلام: فالأصل في الاعتكاف أن يكون الشخص المعتكف مسلماً فلا يصح اعتكاف لكافر.
الطهارة: فأجمع جمهور الفقهاء بأن الطهارة من الحيض أو النفاس هم شرط أساسي للاعتكاف في المسجد.
العقل: يشترط على الشخص المعتكف أن يكون عاقلاً، فلا يصح اعتكاف المجنون.
البلوغ والتمييز: يشترط على المعتكف أن يكون مميزاً، ولا يشترط بأن يكون بالغاً.

كما اختلف الفقهاء الأربعة في اعتبار الصوم شرطاً أساسيا من شروط الاعتكاف.

شاهد أيضا: ما هو فضل من ادرك قيام ليلة القدر

شروط مكان الاعتكاف

لا يصح اعتكاف الرجل إلا في المسجد وفقاً لاتفاق العلماء، وما يدل على ذلك قوله تعالى: {وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}.[5]، ووفق ما اتفق العلماء على أن أفضل المساجد هي ثلاثة وهي: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، والمسجد النبوي، ومن ثم أجمعوا على المسجد الذي تقام فيه صلاة الجماعة.

الحكمة من مشروعية الاعتكاف

لتشريع الاعتكاف الكثير من الحكم والأجر العظيم الذي يمكن تلخيصه في أنه، وسيلة للتقرب إلى الله -عز وجل- والتفرغ للعبادة، وذكر الله، بالاستغفار والتسبيح، وقراءة القرآن لتقرب من الله وتزكية للنفس، وتطهير للقلب، كما ويعتبر خلوة مع الله، وعزلة تامة عن كافة مشاغل الحياة الدنيا، والإقبال الكامل على الله -سبحانه-، فهو انقطاع عن كافة الخلق، فهو من أعظم العبادات خاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.

شاهد أيضا: حكم قطع الاعتكاف

حكم اعتكاف المرأة

الاعتكاف من الأعمال التي يستحب فعلها خاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، فالاعتكاف من الأمور المسنونة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فوفقاً للمذهب الشافعي وجملة من العلماء، فإنهم أجمعوا على أن المرأة مثل الرجل لا يجوز اعتكافها إلا في المسجد، كما وروي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان، ثم اعتكف أزواجه من بعده”.[6]، أما المذهب الحنفي، فإنه أجاز اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وهو المكان المعد للصلاة، وأكد على ألا تخرج المرأة من بيتها إذا اعتكفت في بيتها، ولا يصح اعتكافها بغير موضع صلاتها من بيتها.

وجاء في كتاب الأصل للإمام الشيباني: “ولا تعتكف المرأة إلا في مسجد بيتها، ولا تعتكف في مسجد جماعة”، ولكن بعض الحنفية فسّروا شرط هذا المنع من باب الأفضلية، قال أبو بكر أحمد: يعني أن اعتكافها في مسجد بيتها أفضل من اعتكافها في مسجد جماعة، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن”.[7]

شاهد أيضا: من مبطلات الاعتكاف

مبطلات الاعتكاف

اتفق العلماء على أن هناك العديد من الأمور التي من شأنها أن تتسبب في إفساد وإبطال الاعتكاف.[8]، ومن أبرزها ما يأتي:

الردة: أجمع الفقهاء على أن المسلم المرتد تبطل عبادته، فالإسلام من أهم شروط الاعتكاف، فتنكر عبادة كل مرتد.
الجماع: اتفق جمهور العلماء على أن الجماع من الأمور التي تفسد الاعتكاف وتبطله.
الإغماء والجنون: يعتبر هذا الأمر مختلفاً عليه بين العلماء فمنهم من اعتبر بأن الإغماء والحنون من الأمور المبطلة للاعتكاف، ومنهم من اعتبرها من غير المبطلات للاعتكاف.
الحيض والنفاس: فأجمع العلماء على أن الحيض والنفاس من الأمور التي تفسد العبادات وبالتالي يبطل الاعتكاف.
قطع نية الاعتكاف بالخروج من المسجد: فإنها من الأمور التي تبطل الاعتكاف، وتفسده وفقاً لإجماع الأئمة.

وإلى هنا نكون قد توصلنا إلى نهاية مقال هل يجوز الاعتكاف في البيت، والذي تطرقنا من خلاله إلى تعريف الاعتكاف، والتعرف على حكمه وشروطه، والحكمة من مشروعيته، وختاماً التعرف على مبطلات الاعتكاف.