حكم استعمال الماء النجس

إن حكم استعمال الماء النجس لا يحل للمسلم الانتفاع به في الطهارة مطلقاً بإجماع من جمهور علماء المذاهب الإسلامية، لكن يجوز سقايته للبهائم، وبل التراب به لجعله طيناً يطين به ما يصلى عليه، أو سقاية الأشجار به وأي عمل آخر غير التطهر وأكله وشربه يجوز استعماله به، فلا يجوز أن يستخدم في الأكل والشرب إلا في حال الضرورة والحاجة الملحّة، وهذا نحو دفع اللقمة العالقة في الحلق والتي غصَّ بها، أو في حال العطش الشديد الذي لا يحتمل ويُخشى على الشخص من هلاكه.[1]

حكم سقاية الأشجار بالماء النجس

إن حكم سقاية الأشجار بالماء النجس أو تسميدها بالسماد النجس بحسب ما جاء عن المذاهب الإسلامية وعلماء الدين الإسلامي مختلفٌ فيه لكن أكثر العلماء لم تحرم ذلك، ولا يحكم بنجاسة هذا الماء لأن النجاسة تستحيل في باطن الأرض فتتطهر بالاستحالة، وهذا كحكم الدم يستحيل في أعضاء الحيوان، لحماً ويصير لبناً، وكان هذا قول معظم علماء الديث الإسلامي من بينهم أبو حنيفة والشافعي، لكن ذهب الحنابلة إلى نجاسته وحرمة أكله إلى أن يسقى بماء طاهر يستهلك عين النجاسة منه، وفي قول آخر لهم هو طاهر، والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: هل الاستحمام يغني عن الوضوء للصلاة

حكم استعمال الماء النجس المصفى بطريقة علمية ابن باز

إن حكمَ استعمالُ الماءِ النجسِ المصفى بطريقة علمية بحسب ما جاء عن الشيخ الجليل ابن باز _رحمه الله_ سواء كان الماء قليلاً أو كثيراً إذا وقع فيه نجاسة غيرت من لونه أو طعمه أو رائحته فهو نجس لا تصح به الطهارة ولا يصح تناوله، ولا يصح استعماله لسائر أنواع العبادات ولا حتى في العادات، لكن يمكن أن ينتفع به لغير الآدمي أو أن يستخدم في الجامع، سواء كان الماء جارياً أو راكداً قليلاً أو كثيراً، تغير تغيراً فاحشاً أو يسيراً.

أما بالنسبة للماء القليل النجاسة الذي ذهب رائحته، أي الماء الذي يزيل نجسه بالمعالجة، ولا يتبقى فيه شوائب أو رائحة أو لون فيعود الماء طاهراً إذا كان كثيراً أما إذا كان قليلاً فيصبح محل خلاف، وهذا لأن الماء القليل لا يتطهر أبداً، فتبقى النجاسة فيه حتى لو تمت معالجته وذهبت رائحته وطعمه ولونه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بإراقة الإناء الذي شرب منه الكلب؛ لأن في الغالب يتغير الأواني، إذا كان ماؤها قليل، ولهذا أمر بإراقته، والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز الاغتسال بعد الفجر في صيام القضاء

ما الفرق بين الماء النجس والماء الطاهر الطاهر المطهر

فيما يلي نبين الفرق بين الماء النجس والماء الطاهر الطاهر المطهر:[3]

الماء المتنجس: هو ماء طاهر وقعت به نجاسة، غيرت من خواصه من طعم، أو لون، أو رائحة، وحكمه لا يجوز استعماله في العادات كالطبخ والشرب، ولا في العبادات كالصلاة، وذلك لإنه ينقل النجاسة.
الماء الطاهر المطهر: يعرف الماء الطاهر الطهور هو كل ما نزل من السماء أو نبع من الأرض من ماء، ولم يخالطه شيء يغير من لونه أو رائحته أو طعمه، ويصح لأزالة الحدثين، والصلاة، وكل العادات والعبادات.
الماء الطاهر غير المطهر: هو ماء طاهر خالطه شيء طاهر لكن من غير جنسه، أو غير واحدة من أوصافه الثلاثة أو استعمل في إزالة حدث، وهو طاهر لنفسه غير مطهر لغيره بإجماع العلماء.

حكم الوضوء في ماء وقعت به نجاسة

الأصل في الماء هو الطهارة، أما إذا وقعت فيه نجاسة فنكون هنا أمام أمرين وهما إذا تغير طعم الماء أو لونه فالاغتسال والوضوء لا يجوز لأن الماء في هذه الحالة نجسا، أما أذا لم يتغير لونه أو طعمه أو رائحته فالماء يبقى طاهرا ولا تؤثر عليه النجاسة ويجوز الإغتسال والوضوء منه، وهذا ما أجمع عليه أهل العلم والدين، وجاء في الحديث ما رواه الترمذي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وصححه الألباني في سنن حديثه: { قيلَ يا رسولَ اللهِ أنتَوضَّأُ مِن بئرِ بُضاعةَ وهيَ بئرٌ يُلْقَى فيها الحيَضُ ولحومُ الكلابِ والنَّتَنُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ إنَّ الماءَ طهورٌ لا يُنجِّسُهُ شيءٌ}.[4] وقد سئل ابن تيمية رحمه الله عن ماء بئر سقطت به دجاجة فماتت، فقال: إذا لم يتغير الماء، لم ينجس.

حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسة

في حكم الماء المستعمل في إزالة نجاسة نكون أمام حالتين، الحالة الأولى: إذا تغيرت أوصاف الماء المستعمل في إزالة النجاسة من رائحة أو لون أو طعم قليلا أم كثيرا كان التغير فالماء هنا نجس، وهذا بالإجماع، قال الإمام النووي: إذا انفصلت متغيرة فهي نجسة بإجماع المسلمين سواء تغير طعمها، أو لونها، أو ريحها، وسواء تغير قليلاً أو كثيراً.

أما الحالة الثانية: إذا لم تتغير أوصاف الماء من لون، أو رائحة، أو طعم، فالماء طاهر، روى أبو سعيد الخدري في الحديث {الماءُ طَهُورٌ لا يُنجِّسُه شيءٌ}، أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وأحمد مطولاً [5]

شاهد أيضًا: هل يجوز الاغتسال من الجنابة بعد اذان الفجر في رمضان

كيفية تطهير الماء النجس

يتم إزالة النجاسة بواحدة من الطرق التالية:[6]

التطهير بالمكاثرة: ومثال ذلك، لو كان هناك ماء قليل في خزان المياه، والتقيت به نجاسة، فالماء يصبح نجسا، وإذا اضيف الماء الطاهر فوق الماء النجس حتى زوال النجاسة، فيتحول الماء كله طاهر، يصح التطهر به.
التطهير بالنزح: ويمكن اللجوء لهذه الطريقة عندما يكون هناك إمكانية لنزح النجاسة من الماء حتى يكون ما بقي من الماء لا أثر للنجاسة به من طعم، أو ريح، أو لون، ويصلح للتطهر حينها، ومثال ذلك الآبار إذا وقعت بها نجاسة وكان بها القليل من الماء.
التطهر بالمعالجة: وتتم معالجة المياه وإزالة أثر النجاسة منها بطرق متعددة منها: غلي الماء حتى زوال أثر النجاسة، تبخير الماء وتقطيره، ترشيح الماء، إضافة مواد مطهرة للماء كالكلور، تعريض الماء للأشعة البنفسجية بعد تنقيته من الرواسب الصلبة.

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا المقال الذي كان يحمل عنوان حكم استعمال الماء النجس، وقد ذكرنا في سطوره كل ما يخص الماء النجس من أحكام بصورة مفصّلة.