جدول المحتويات
دائمًا ما تُحكى قصص عن الوطن لنا ونحن صغار، ولكن هل يستحق الوطن كل ما يُحكى عنه ويُروى في حبه؟، بالتأكيد ستكون الإجابة “نعم”، ولما لا وهو المكان الذي يضم كل ذكرياتنا ويعيش فوق ترابه أحب الناس إلى قلوبنا وهم أهلنا وأصدقائنا، وليس هذا فحسب، فهو المكان الذي ترعرعنا فيه وتعمنا في مدارسه وروينا ظمأنا من مائه العذب الذلال، ولمعرفة قدر كلمة “وطن” يجب أن نغوص في أعماق محيط الذكريات الخاص بقصص رُويت عن الوطن لنعرف حقيقة هذا الكيان العظيم القابع داخل أفئدتنا.
قصص عن الوطن قديمة
1- قصة الكنز الثمين
كثيرًا ما حكت لنا أمهاتنا هذه القصة الصغيرة، ولكنها تمتلك مذاقًا مختلفًا ورونقًا خاصًا مختلفًا في كل مرةٍ تحكى علينا، وهذه القصة بطلاها هما “الجد والولد الصغير”.
كان هناك ولدٌ صغيرٌ يعيش مع جده، وكان لدى الجد صندوقٌ خشبيٌ لا يقترب منه أحد، وفي أحد الأيام حاول الولد الصغير فتح هذا الصندوق فنهاه جده عن ذلك وأخبره أن بداخله كنزًا ثمينًا أغلى من أي كنز آخر، وهنا زاد فضول الطفل الصغير لمعرفة ما هذا الكنز، وفي يوم من الأيام قام الولد وتحين وقتًا يكون جده فيه خارج الدار ، وبالفعل حدث ما كان يتمناه وسنحت له الفرصة أن يفتح الصندوق الخشبي، ولكنه لم يجد سوى حفنةٍ من التراب وكتابٍ قديمٍ جدًا.
وعند عودة الجد أقبل عليه الولد الصغير مسرعًا وصائحًا بأعلى صوته: “جدي جدي لقد سرقك اللصوص”، ولكن الجد لم يفهم قصد الصبي فسأله عما رآه بداخل الصندوق، فأجاب الولد رايت ترابًا وكتابًا قديمًا، فضحك الجد وقال: “لم يسرقنا أحد”، فتعجب الولد وسأله كيف هذا؟، فأجاب الجد: “وهل هناك أغلى من تراب الوطن والكتاب يا بُني!”.
شاهد أيضًا: قصص في حب الوطن.
2- قصة العصفورتان ونسمة الهواء
تتميز قصص الأطفال بأنها خفيفة على مسامع الجميع وأيضًا لها من حلاوة القول وعذوبته ما يطيب القلوب، وفي غالبية الأحيان تكون قصص الأطفال خيالية ولا تمُتُّ للواقع بصِلَة كما هو الحال مع هذه القصة الجميلة.
يُحكى أنه كانت هناك عصفورتان صغيرتان في مكان مقفرٍ في بلاد الحجاز، ولم يكن في هذا المكان ماءٌ كافٍ لهما ولا حبوب ولا حتى نسمة هواءٍ عليلةٍ تداعب أجنحتهما الصغيرة، ولكن في يومٍ من الأيام هبت نسمةٌ عليلةٌ من بلاد اليمن، فانتعشت العصفورتان لهذه النسمة واستطلفا ملمسها على جسدهما الصغيرين، وتمنيا ألا تنتهي أبدًا، وعندما وجدت النسمة حال هاتين الصغيرتين، أشفقت عليهما وعرضت عليهما أن تحملهما إلى أرض اليمكن حيث الماء الوفير والحبوب اللذيذة والطعام الذي لا ينفذ، فأجابتها إحدى الصغيرتين: “أنتي نسمة رحالة لا تعرفي معنى كلمة وطن، فلو خُيّرنا باستبدال وطننا بجنةٍ في الأرض لن نتركه أبدًا”.
3- قصة التراب والذهب
هذه القصة تعكس لكل من يسمعها قيمة الوطن وقيمة التفكير المنطقي العقلاني في الأمور، وتدور أحداث القصة في زمنٍ بعيدٍ، عندما شعر أحد الكهّال قرب موعد رحيله عن الدنيا، فقام بجمع ولديه وقال لهما أنه يملك أرضًا ويملك كيسًا مملوءًا بالذهب، فاختار الولد الصغير كيس الذهب واختار الكبير الأرض.
وبعد وقتٍ قليل مات الأب وحزن عليه الولدان كثيرًا، وأخذ الولد الكبير في زراعة الأرض والاعتناء بها وزرعها بمحاصيلٍ مثمرة مربحة، وفي الوقت ذاته بدأ الولد الصغير في إنفاق الذهب من كيسه حتى فرغ تمامًا وعاد فائض الوفاض إلى أخيه الكبير مرةً أخرى، فما كان من أخيه إلا أنه احتواه وأخبره بأنه سوف يتشارك معه الأرض، فقال له الأخ الصغير: “كيف سنعيش من بعض التراب؟!”، فرد عليه أخيه وقال: “نحن من تراب وملابسنا من تراب والخبز من التراب، فالتراب يعطينا كل شيء ويعطينا قيمتنا”، فرد عليه أخيه متعجبًا من فطنته: “كيف عرفت هذا كله؟”، فأجابه أخيه: “العمر الذي قضيته بين ربوع الوطن”.
شاهد أيضًا: قصة فرحات وشيرين .. حكاية العشق الفارسية.
قصص عن الوطن حديثة
1- قصة الحصان ووالدته
من القصص التي لم تُروى قديمًا لأولادنا هي قصة الحصان الصغير وأمه، وتقع أحداثها في مزرعةٍ صغيرة في إحدى المناطق، وكان الحصان معتادًا كل يوم على الخروج واللعب في المزرعة أمام أنظار أمه، وفي الليل يخلد إلى النوم مرهقًا من عناء المشقة طول اليوم، وفي يوم من الأيام قرر هذا الحصان الصغير أن يترك المزرعة ويبحث عن واحدةٍ أخرى لأن الملل قد تمكن منه، ونظرًا لخوف الأم الشديد عليه، قامت بالرحيل معه، ولكنهم لم يستطيعوا الاستقرار في أي مزرعةٍ أخرى لأن الحيوانات التي تسكن المزارع الأخرى كانوا يرفضون بقاءهما، ولما خيّم الليل عليهما، قال الحصان الصغير لأمه: “هيا بنا يا أماه لنعود إلى مزرعتنا فلن يحتوينا مكان آخر غيرها”، فردت عليه الأم: “أحسنت يا بني فالوطن هو أحن ما يكون على أبنائه”.
ومن هذه القصص كلها التي أوردناها في هذا المقال يمكن لأي شخصٍ أن يعرف قيمة الوطن الحقيقي، ومهما سافر الإنسان وابتعد عن أرض وطنه فلابد أن يحنّ لها في يومٍ من الأيام، لأن من ليس له وطنٌ فهو غريب وسيعيش طيلة عمره في ترحال، فيجب علينا جميعًا أن نعرف قيمة الوطن ونستشعر حبه الدفين في أعماق قلوبنا، حتى يكون لنا سندًا وعونًا على تقلبات الدهر إذا اشتدت ضرباته.