ما هو حكم بيع العينة ومعناه

ما هو حكم بيع العينة ومعناه في الشريعة الإسلامية، ففي الإسلام تخضع البيوع إلى قواعد الشريعة الإسلامية، فلا يمكن عقد بيع أو شراء من دون الاحتكام إلى الكتاب والسنة والنظر في أقوال العلماء الذين قد ألّفوا كثيرًا من الكتب في الفقه على المذاهب المختلفة عند المسلمين، وفي هذا المقال يتوقف موقع مقالاتي لبيان ماهيّة بيع العِيْنَةِ وما هو حكمه في الإسلام عند أئمة المذاهب الأربعة.

معنى بيع العينة

إنّ معنى بيع العينة له تعريفات كثيرة في الاصطلاح الفقهي، منها قولهم: “هِيَ بَيْعُ الْعَيْنِ بِثَمَنٍ زَائِدٍ نَسِيئَةً، لِيَبِيعَهَا الْمُسْتَقْرِضُ بِثَمَنٍ حَاضِرٍ أَقَل، لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ”، وعرّفها آخرون بقولهم هي “أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِهِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، وَيُسَلِّمَهُ إِلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ بَائِعُهُ قَبْل قَبْضِ الثَّمَنِ بِثَمَنِ نَقْدٍ أَقَل مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ”، وقال المالكيّة إنّها: “بَيْعُ مَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ سِلْعَةٌ قَبْل مِلْكِهِ إِيَّاهَا لِطَالِبِهَا بَعْدَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا”.[1]

وعرّفها الفقهاء المعاصرون بأنّها قرض في صورة بيع لاستحلال الفضل، وأمّا في اللغة فبيع العينة جاء من كونها إعانة من أهلها للمضطر على تحصيل مطلوبه على وجه التحيّل بدفع قليل في كثير، ومعنى العينة لغةً السلف؛ يُقال: اعتان الرجل إذا اشترى الشيء بالشيء نسيئة، وصورتها كما يعرّفها الفقهاء بأنّها بيع سلعة بثمن إلى أجل معلوم، ثُم شراؤها نفسها نقدًا بثمن أقل، وفي نهاية الأجل يدفع المشتري الثمن الأول للبائع، والفرق بين الثمنين فضل هو ربا للبائع الأول والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: حكم اعطاء اهل الذمة من اموال الزكاة

حكم بيع العينة

إنّ حكم بيع العينة هي محل خلاف بين الفقهاء، فذهب جمهور الأئمة ثلاثة ومن تابعهم من الأئمة في مذاهبهم إلى قول، بينما نُقل عن الإمام الشافعي قول آخر مخالف لما ذهبوا إليه، وخالفَ بعض أئمة الحنابلة قول إمام المذهب، فقال بقول آخر خلاف ما ذهب إليه الإمام أحمد -رضي الله عنه-، وتفصيل حكمها كما يأتي:

قول الجمهور

ذهب الأئمة الثلاثة أبو حنيفة -وهو النعمان بن ثابت بن مرزُبان الكوفيّ- والإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة والإمام أحمد بن حنبل إلى أن بيع العينة لا هو بيعٌ يجوز، وقد نقل عن الإمام محمد بن الحسن -من أئمة الحنفية وهو أحد الصاحبين- أنّه قال: “هَذَا الْبَيْعُ فِي قَلْبِي كَأَمْثَال الْجِبَال، اخْتَرَعَهُ أَكَلَةُ الرِّبَا”.[2]

شاهد أيضًا: حكم المحافظه على اذكار الصباح والمساء

أقوال أخرى

نقل بعض العلماء عن الإمام الشافعي أنّه قد أجاز هذا البيع؛ فكأنه نظر إلى ظاهر العقد وتوافر الركنية فلم يعتبر النية، وبذلك استدل الإمام ابن قدامة المقدسي أحد أئمة الحنابلة، فرأى الإمام ابن قدامة بأنّه ثمنٌ يجوز بيع السلعة به من غير بائعها، فيجوز من بائعها، كما لو باعها بثمنِ مثلِها.[2]

شاهد أيضًا: حكم قراءة اذكار الصباح والمساء

أدلة تحريم بيع العينة

لكل مذهب من المذاهب التي حرمت بيع العينة أدلّة يستندون عليها في تحريم هذا البيع، وفيما يأتي تفصيل أقوالهم:

أدلة الحنفية والمالكية

استدل المالكية على حرمانية هذا النوع من البيوع بأنّه سلفٌ قد جرّ نفعًا، واستدلّ الحنفيّة بأنّ “الثَّمَنَ لَمْ يَدْخُل فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْل قَبْضِهِ، فَإِذَا أَعَادَ إِلَيْهِ عَيْنَ مَالِهِ بِالصِّفَةِ الَّتِي خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ، وَصَارَ بَعْضُ الثَّمَنِ قِصَاصًا بِبَعْضٍ، بَقِيَ لَهُ عَلَيْهِ فَضْلٌ بِلاَ عِوَضٍ، فَكَانَ ذَلِكَ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَهُوَ حَرَامٌ بِالنَّصِّ”، والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: حكم من سب الصحابة

أدلة الحنابلة

استدل الحنابلة على حرمانية هذا البيع بما يأتي:[2]

• الأثر المشهور الذي يرويه أبو إسحاق الهمداني وغيره أنّ امرأته دخلت مع أم ولد زيد بن الأرقم على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فقالت: “يا أُمَّ المؤمِنينَ، أَتعرِفينَ زَيدَ بنَ أَرْقَمَ؟ قالتْ: نعم، قالتْ: فإنِّي بِعْتُهُ عبدًا إلى العطاءِ بثَمانِي مِئةٍ، فاحتاج إلى ثَمَنِهِ، فاشتَرَيْتُهُ قَبلَ مَحِلِّ الأجلِ بستِّ مِئةٍ، فقالتْ: بِئْسَ ما شَرَيْتِ، وبِئْسَ ما اشتَرَيْتِ! أَبْلِغي زَيدًا أنَّهُ قد أَبطَلَ جِهادَهُ مع رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إنْ لم يَتُبْ، قالتْ: فقلتُ: أرأَيْتِ إنْ تَرَكْتُ المِئتَيْنِ وأخذْتُ السِّتَّ مِئةِ؟ قالتْ: نعم؛ {مَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275]”،[3] فقال ابن كثير إنّه أثر مشهور، وقال السخاوي في الأجوبة المرضية إنّه مرسل وروي موصولًا من طرق أخرى.[4]
• الحديث الذي يرويه ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “إذا تَبايعْتُم بالعِينَةَ، وأخذْتُم أذنابَ البقر، ورضِيتُمْ بالزرعِ، وتركتمُ الجهادَ سلَّطَ اللهُ عليكمْ ذلُّا، لا ينزعُهُ حتى ترجعُوا إلى دينِكمْ”.[5]
• وقال فقهاؤهم: “إنَّهُ ذَرِيعَةٌ إِلَى الرِّبَا، لِيَسْتَبِيحَ بَيْعَ أَلْفٍ بِنَحْوِ خَمْسِمِائَةٍ إِلَى أَجَلٍ، وَالذَّرِيعَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الشَّرْعِ، بِدَلِيل مَنْعِ الْقَاتِل مِنَ الإِْرْثِ”، والله أعلم.

شاهد أيضًا: ما هو حكم الطلاق البدعي وما الفرق بينه وبين الطلاق السني

وإلى هنا يكون قد تم مقال ما هو حكم بيع العينة ومعناه بعد الوقوف على معنى هذا البيع وحكمه في الشريعة الإسلامية، وبعد الوقوف على أدلّة تحريمه عند جمهور فقهاء المذاهب الأربعة.