هل يجوز الصيام ليلة الإسراء والمعراج

هل يجوز الصيام ليلة الإسراء والمعراج؟ من أكثر وأهمّ الأسئلة التي تدور بين المسلمين، وهي من الأسئلة الشرعية التي يجب على كلّ مسلم أن يزيل عن نفسه الجهل فيها، فليلة الإسراء والمعراج تمثّل حدثًا عظيمًا وتحمل ذكرى معجزة عظيمة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك يقوم الكثير من الناس بتعظيمها وإكثار العمل فيها من الصيام ونحوه، ومن خلال موقع مقالاتي سيتمّ بيان حكم صيام ليلة الإسراء والمعراج بعد التعريف بها وبيان وقتها وفضلها.

معنى الإسراء والمعراج

قبل الخوض في هل يجوز الصيام ليلة الإسراء والمعراج، فإن من المهم معرفة معنى مصطلحي الإسراء والمعراج، فمن المعروف أنّ هذه الحادثة هي المعجزة التي انتقل بها النبي صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى، ومنه عُرج به إلى السماء السابعة حيث رأى من آيات الله وعظيم قدرته، وفرضت عليه الصلوات الخمس، ويمكن تعريف الإسراء أنّها السير في الليل في اللغة، وفي الشرع هي الحادثة التي تمّ فيها أخذ النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في جزءٍ يسير من الليل.

أمّا المعراج فهو العروج والصعود في المعنى اللغوي ويمكن أن يحمل معنى أداة الصعود، أمّا في الشرع والاصطلاح فالمعراج هو الحادثة التي تمّ فيها إصعاد النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى إلى السموات السبع مع سيد الملائكة جبريل عليه السلام وإرجاعه في جزءٍ يسيرٍ من الليل بقدرة الله وعظيم إرادته.[1]

هل يجوز الصيام ليلة الإسراء والمعراج

لا يجوز الصيام ليلة الإسراء والمعراج باتّفاق أهل العلم، فالصّيام منه ما هو واجب كصيام شهر رمضان، ومنه ما هو مستحبٌّ ومسنون كصيام تاسوعاء وعاشوراء ويوم عرفة، وقد قام القرآن الكريم والسنة المباركة بإرشاد المسلمين لمواطن الصيام وأماكن مشروعيّته، لكن لم ترد أيّة آيةٍ قرآنية ولا حديث نبوي شريف يفيد أنّ الصيام مشروعٌ في ليلة الإسراء والمعراج، وبهذا فلا يصحّ للمسلمين أن يقولوا بصيام يومه الذي يعتقدون أنّه في السابع والعشرين من شهر رجب، فليلة الإسراء والمعراج من الليالي التي لم يتمّ تحديد وقتها، وقد ورد فيها أكثر من عشرة أقوال وكلّها لا تستند لأدلّةٍ صحيحة، وبهذا الاختلاف لا يجوز تخصيص هذا اليوم بالصيام، ولو تمّت معرفته على التأكيد فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يصمه ولم يفعل الصحابة، وهم أولى الناس بالعبادة لو كان فيها خيرًا لأتوها، والصيام فيه كما ذكر أهل العلم بدعةٌ محدثة لا ينبغي للمسلم أن يتمسك بها والله أعلم.[2]

حكم صيام ليلة الإسراء والمعراج ابن باز

سُئل الشيخ ابن باز هل يجوز الصيام ليلة الإسراء والمعراج، فأشار في حكم صيام السابع والعشرين من رجب بقوله: ” هذا لا أصل له، فإن بعض أهل العلم يزعم أن سبعة وعشرين رجب أنها ليلة الإسراء والمعراج، وهذا لا أصل له، والحديث المروي في ذلك غير صحيح، فليس لها خصوصية، وليس لصيام ثلاثة أيام من أول رجب أو من أول شعبان أو من أول شوال خصوصية، إنما شرع صيام ثلاثة من كل شهر عام لكل الشهور، يشرع للمؤمن أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، لا فرق بين رجب وغيره، كذلك ستة أيام من شوال جاء الشرع بها أيضًا، ما هي بثلاث ستة أيام من شوال، أما الثلاث فهي عامة للشهور كلها، وأما تخصيص صيام سبعة وعشرين من رجب، أو ثلاثة من أوله ليست بصحيحة ولا يعتمد عليها” فكانت إجابته موافقةً لأهل العلم الذين قالوا بتحريم صيام هذا اليوم.[3]

اقرأ أيضًا: حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج

حكم صيام شهر رجب كاملا

قال أهل العلم بأنّ صيام شهر رجب كاملا، من الأعمال الّتي نهى عنها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لأنّه من آمال العرب في الجاهليّة كانوا يعظّمون شهر رجب ويصومونه كاملًا، فإن صامه المسلم وخصّه بالصّوم دون غيره فهو بذلك يحيي سنةً من سنن الجاهليّة، لا يجوز ذلك، حيث صرّح الكثير من العلم بأنّ صيامه مكروه، فإن صام المسلم الاثنين والخميس منه فهو جائز، وإن صامه كلّه مع شهرٍ آخر زالت الكراهة، كلك إن صامه كلّه إلّا يومًا منه أو اثنان زالت الكراهة أيضًا، لكنّ صيامه كاملًا وتخصيصه بعبادة الصّوم ما هو إلّا سنّة الجاهلية وشعارٌ من شعاراتها لا يجوز للمسلم أن يتمثّل بها.[4]

عبادات وأعمال ليلة الإسراء والمعراج

إنّ إحياء ليلة الإسراء والمعراج ببعض العبادات إنّما هو من البدع المحدثة في دين الله الحنيف، حيث أنّه لم يرد في القرآن الكريم أو السّنّة المباركة أيّ دليلٍ ونصٍّ على مشروعيّة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج وإحيائها، وأن يخصّها العبد بعباداتٍ وأعمالٍ معيّنة كالدّعاء وغيره، رغم أنّ ليلة الإسراء والمعراج هي آيةٌ من آيات الله العظيمة والكبيرة، لا يجوز العمل بكلّ البدع الّتي يستحدثها كلّ جاهلٍ، لذا على المسلم أن ينتبه لمثل هذه المسائل الخطيرة الّتي قد تؤدّي به إلى نار جهنّم وبئس المهاد، فلا أعمال ولا عباداتٍ خاصّة بليلة الإسراء والمعراج على الإطلاق، ولو كان ذلك لنبّه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على هذا الأمر ولم يخفه عن المسلمين إطلاقًا، والله أعلم.[5]

فضل ليلة الإسراء والمعراج

ممّا لا شكّ فيه أنّ ليلة الإسراء والمعراج هي من الليالي العظيمة الّتي وقعت فيها آيةٌ من آيات الله تعالى الكبيرة، والّتي كرّم بها نبيّه أطهر الخلق عليه الصّلاة والسّلام، وقد وردت العديد من الأحاديث النّبويّة المباركة الّتي تحدّث عنها وروت القصّة كاملةً وهي أحاديث صحيحةٌ وثابتة، لكنّ السنة لم تذكر أيّة أحاديث مباركةً عن فضل ليلة الإسراء والمعراج، فلم يرد ينصٌ يفيد بذلك إطلاقًا، وإن وردت بعض الأحاديث فإنّ أهل العلم أشاروا إلى عدم صحّتها وبطلانها.

بما تمّ ذكره نصل لنهاية مقال هل يجوز الصيام ليلة الإسراء والمعراج، والذي تمّ من خلاله التعريف بمعنى الإسراء والمعراج وحكم صيام يومها، وحكم صيام شهر رجب كاملًا، كما ذكر المقال عبادات وأعمال ليلة الإسراء والمعراج وسلط الضوء على فضلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *