جدول المحتويات
من هو خليل الله ؟ ولماذا اختاره الله لينال تلك المنزلة والمكانة العظيمة؟ وكيف كانت قصته؟ كل تلك الأسئلة لابد من معرفة إجابتها ونتمعن في معانيها، حتى نتمكن من معرفة الدين الإسلامي وعظمته، لذلك ومن خلال هذا المقال سنتعرف على قصة خليل الله، وكيف وصل لتلك المكانة العظيمة، حتى نتعلم منه ونسلك خطاه لننال رضا رب العالمين.
من هو خليل الله؟
يعلم الكثيرين أن خليل الله هو لقب سيدنا إبراهيم عليه السلام كما ورد في القرآن الكريم، ولكن لماذا كرم الله سيدنا أبراهيم بهذا اللقب؟ وما معنى خليل الله؟ وكيف كانت نشأته وحياته؟ فقصة سيدنا إبراهيم هي من أكثر قصص الأنبياء التي تحتوي على الكثير من المواقف لتعلمنا كيف يكون الإخلاص لله والعبادة الصحيحة والإيمان، فقد كان نبي الله إبراهيم عليه السلام منذ ولادته وهو يفكر في كل أمر، ولم يكن يريد أن يعيش مثل قومه دون أن يتدبر ويفكر في مخلوقات الله، فقد كان رافضًا لعبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع وظل يبحث عن إله آخر، حتى هداه الله لعبادته والابتعاد عن الكفر وعن الأصنام التي كان يعبدها قومه، فقد بعث الله سيدنا إبراهيم ليكون نبي يدعو قومه لترك عبادة الأصنام وإن يعبدوا الله وحده لا شريك له، وفى سبيل ذلك تعرض للكثير من الابتلاءات والمحن، ولكنه كان ذات إيمان قوي، فكان مطيع لكل ما أمره الله به، كما أنه علم أبناءه أن يعبدوا الله ويطيعونه.
شاهد أيضًا: كم يوم ظل إبراهيم في النار
كيف نشأ خليل الله؟
اختلف المؤرخون في تحديد مكان مولد سيدنا إبراهيم فمنهم من قال أنه ولد في دمشق ومنهم من أكد على أنه ولد في بابل وكان لأخرون آراء أخرى في تحديد مكان مولده، ولكن قد اتفقوا على أنه نشأ في زمن انتشر فيه الكفر حيث ولد في زمن الحاكم الطاغي النمرود، حيث بدء سيدنا إبراهيم بدعوة أبيه وقومه لعبادة الله، وتعرض لكثير من الأذى من قومه نتيجة دعوته، فقد حاول دعوتهم بكل الطرق حتى أنه كسر أصنامهم ليقنعهم بأنها لا تستطيع أن تضر أو تنفع حتى نفسها، فما كان من قومه بعد أن رأوا عجزهم في الرد على سيدنا إبراهيم عليه السلام إلا أنهم أز دودا ظلمًا واتفقوا على أن يرموه بالنار فقالوا: ﴿ حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾، ولكن الله قد أمر بحمايته فبعدما ألقوه في نار لم يوقد مثلها قط، أمر الله النار فقال عز وجل -: ﴿ يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾، فنجا منها سيدنا أبراهيم ولم يصبه أي أذى، وكانت ذلك من أصعب الابتلاءات التي تعرض لها سيدنا إبراهيم – عليه السلام- ولكنه ظل ثابتًا على الإيمان.
هجرة خليل الله
ظل سيدنا إبراهيم يحاول أن يدعو قومه للإسلام بكل الطرق، حتى أنه ناظر الحاكم المستبد النمرود، وحدثه عن قدرات الله عز وجل وما كان من النمرود إلا أنه أدعى أنه يستطيع أن يفعل كل شيء ألا أن سيدنا إبراهيم قد أقام عليه الحجة فقد طلب منه (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، وحينها ظهرت قلة حيلة النمرود، وبعد أن حاول مع إصلاح قومه بكل الطرق وقد ازداد عليه ظلمهم، هاجر سيدنا إبراهيم ومعه زوجته سارة وابن أخيه لوط إلى الشام ليهرب من ظلم قومه، ليقوم بالدعوة في بقعة أخرى من بقاع الأرض، ثم هاجر مرة أخرى من الشام إلى مصر ثم ترك مصر وذهب إلى مكة، وتزوج سيدنا إبراهيم عليه السلام من السيدة هاجر وأنجبت له أبنه إسماعيل، وكانت قصة سيدنا إبراهيم مع زوجته هاجر وابنه إسماعيل من أكثر القصص التي تبعث على الإيمان والامتثال لأوامر الله عز وجل، فقد ترك سيدنا إبراهيم بأمر من الله السيدة هاجر ومعها رضيعها في الصحراء بدون طعام أو شراب، وظلت السيدة هاجر تبحث لرضيعها عن شربة ماء حتى أنفجر لها بئر زمام بأمر من الله، وأصبحت الصحراء مكان يجتمع فيه كل المارة والتجار.
شاهد أيضًا: الفرق بين النبي والرسول من حيث التكليف
مواقف في حياة خليل الله
ومن أصعب المواقف في حياة سيدنا إبراهيم عليه السلام ، أنه عندما عاد مرة أخرى بعد عدة السنوات، إلى السيدة هاجر وابنه إسماعيل، وكان إسماعيل قد أشتد عوده، ولكن الله قد أراد أن يختبر إيمانهم، فقد رأى سيدنا إبراهيم في المنام أمر من الله بأن يذبح ابنه إسماعيل، وظل يفكر في كيف يمكن أن يفعل ذلك، واحتار في أمره، حتى حكى لسيدنا إسماعيل عن منامه (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى؟ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)، وبعد امتثال سيدنا إبراهيم- عليه السلام- وابنه إسماعيل لأمر الله وفي يوم الذبح بعدما ألقاه على الأرض ومسك بالسكين كي يذبحه أفتدي الله سيدنا إسماعيل وأنزل من السماء ذبحًا عظيمًا، بعدما أكد سيدنا إبراهيم على طاعته وإخلاصه لأوامر الله وصبره على الابتلاء.
ومن المعجزات التي عاشها إبراهيم عليه السلام، أن الله قد بشره بأنه سيرزقه بولد من السيدة سارة، وكان أمرًا مستحيلاً بسبب كبر سنهم، فكان إبراهيم قد بلغ من العمر ما يصل إلى مئة عام وكانت السيدة سارة عمرها قد وصل إلى تسعون عامًا و لم تنجب من قبل، ولكن الله إذا أراد أمرًا فإنه يفعله، فقد بعث الملائكة تبشر سيدنا إبراهيم بأنه سيكون له ولد نبي وهو سيدنا إسحاق عليه السلام، كما شرف الله سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل باستكمال بناء الكعبة المشرفة، فجمع سيدنا إسماعيل الحجارة وكان يقدمها لأبيه حتى يستطيع استكمال البناء، وكانوا يدعو الله دائمًا بأن يتقبل منهم ذلك العمل فقد قالو(رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
شاهد أيضًا: من هو اخر انبياء بني اسرائيل
لماذا سمي نبي الله إبراهيم بالخليل؟
يعجب كل من يقرأ ويتعرف على قصة سيدنا إبراهيم من إخلاصه واستسلامه لكل أوامر الله، وذلك حبًا في الله ورغبًة في الاستجابة لكل ما أمره به حتى وأن كان صعبًا مثل أمره بذبح أبنه، فلم يكن سيدنا إبراهيم – عليه السلام- إلا عبدًا طائعًا لله لذلك كرمه الله، وترجع تسمية سيدنا إبراهيم بخليل الله للدلالة على أن حب الله تخلل في روحه وكيانه، وكانه تشبع به، وقد شرف الله سبحانه وتعالى سيدنا إبراهيم بذكره في القرآن الكريم فقال(وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)، ليؤكد على مكانته العالية في الإسلام.
وقد اختلف المفسرون في معنى كلمة خليل، فمنهم من رأى أن خليل من الخلة والتي تعني الحب الشديد الذي يدخل في روح المحبوب فلا يستطيع أحد أن يأخذ مكانًا في قلبه غيره، وقيل أيضًا يسمى الخليل بذلك لأن محبته تتغلل بقلبه فلا تدع به خللًا، وأوضح أخرون أنها تعنى من يفتقر دائمًا إلى الله ويلجأ إليه ويترك كل أموره له، ويكون مخلصًا له في كل نواياه وأعماله.
وبذلك ومن خلال السطور السابقة تم التعرف على من هو خليل الله ؟ وتعرفنا على قصة سيدنا إبراهيم وكيف استطاع يخلص في عبادته وأن يمتثل إلى أوامر الله حتى يصل إلى تلك المكانة؟