لا تزال مبيعات السيارات الكهربائية التي تعمل بالطاقة تشهد نموًا واسعًا خلال هذا العام بعد أن سجلت أرقام قياسية في 2024، وبرغم ذلك، تبقى الكثير من العقبات أمام هذه الصناعة المتنامية، مما يستلزم بذل الكثير من الجهد في عمليات تصنيع البطاريات وإمدادات المعادن الهامة، بهدف تقليل تكلفتها بما سيؤثر على سعرها.
سجلت مبيعات السيارات الكهربائية (السيارات الهجينة والكهربائية بالكامل) خلال عام 2024 رقم قياسياً جديد بلغ 6.6 مليون، على الرغم من الضغوط التي تعرضت لها الصناعة لعل أبرزها أزمة سلاسل التوريد العالمية، ومع بدء عام 2024 واصلت المبيعات ارتفاعها بقوة، حيث سجلت بيع نحو مليوني سيارة في الربع الأول في جميع أنحاء العالم بارتفاع بنحو 75% عن نفس الفترة في 2024.
تضاعفت مبيعات السيارات في الصين في العام الماضي بنحو ثلاث مرات تقريبًا لتصل إلى 3.3 مليون، وهو ما يعادل نحو نصف الإجمالي العالمي، وارتفعت بقوة في أوروبا بنحو 65% لتصل إلى 2.3 مليون، أما في الولايات المتحدة فكانت المبيعات أكثر من الضعف.
الكثير من التحديات
وعلى الرغم من المبيعات القوية للسيارات الكهربائية إلا أن هناك الكثير من التحديات التي تقف أمام النمو الواسع لهذه الصناعة، فعلى المدى القصير، ستتأثر الصناعة بارتفاع أسعار المعادن الهامة التي تستخدم في تصنيع البطاريات، بالإضافة إلى استمرار أزمة سلاسل التوريد الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، هذا إلى جانب، عمليات الإغلاق المستمرة في بعض أجزاء من الصين بسبب كوفيد 19، أما على المدى الطويل، من الضروري بذل الكثير من الجهد لخلق بنية تحتية متينة لخدمة عمليات الشحن مما سيساهم في زيادة مبيعات السيارات الكهربائية.
ارتفعت أسعار الليثيوم (وهو معدن مهم لصناعة بطاريات السيارات) بأكثر من سبع مرات في مايو 2024 مما كانت عليه في بداية عام 2024، كما ارتفعت أسعار الكوبالت والنيكل، إذا تساوت كل الأمور الأخرى، يمكن أن تزيد تكلفة حزم البطاريات بنسبة 15% إذا بقيت هذه الأسعار بالقرب من المستويات الحالية، لقد تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في مزيد من الضغوط، حيث أن روسيا تزود العالم بنسبة 20% من النيكل المستخدم في صناعة البطاريات.
وقد عززت الحكومات في أوروبا والولايات المتحدة السياسات الصناعية التي تهدف إلى التطوير المحلي لسلاسل توريد السيارات الكهربائية، حيث يوجد أكثر من نصف قدرة معالجة وتكرير الليثيوم والكوبالت والجرافيت في الصين، بالإضافة إلى ذلك، تنتج الصين ثلاثة أرباع جميع بطاريات الليثيوم أيون ولديها 70% من الطاقة الإنتاجية للكاثودات و 85% للأنودات وكلاهما مكونان أساسيان للبطاريات، لقد تم تجميع أكثر من نصف السيارات الكهربائية في عام 2024 في الصين، ولا تزال الصين تحافظ على هيمنتها التصنيعية.
في حين أن ما يقرب من 10% من جميع السيارات المباعة في جميع أنحاء العالم في عام 2024 كانت كهربائية، فإن رقم مبيعات الشاحنات العالمية كان 0.3% فقط، يجب زيادة هذه الحصة إلى حوالي 10% بحلول عام 2030 في سيناريو يتماشى مع التعهدات والأهداف المناخية التي أعلنتها الدول في جميع أنحاء العالم حتى الآن، ويجب أن تصل الحصة إلى 25% بحلول عام 2030 في صافي الانبعاثات الصفرية لوكالة الطاقة الدولية بحلول عام 2050.
تم نشر الشاحنات الكهربائية بشكل كبير حتى الآن في الصين فقط، بفضل الدعم الحكومي القوي، لكن دولًا أخرى أعلنت عن خطط لكهربة الشاحنات الثقيلة، ويقوم المصنعون بتوسيع اختيارهم للطرازات، توصي وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير بمزيد من الدعم الحكومي والتخطيط للبنية التحتية العامة للشحن.
اتجاهات مستقبلية للسيارات الكهربائية في عام 2024 وما بعده
1. يلتزم صانعو السيارات التقليديون باستثمار المليارات في السيارات الكهربائية
يلتزم صانعو السيارات بما في ذلك فولكس فاجن وهوندا وفورد باستثمار 500 مليار دولار في عملية الانتقال إلى صناعة السيارات الكهربائية.
لم يقتصر الأمر على تعهد صانعي السيارات بجعل نسبة كبيرة من سياراتهم تعمل بالكهرباء خلال العقد المقبل، ولكن العديد منهم مثل فورد وفولكس فاجن وهوندا أعلنوا بالفعل عن استثمارات كبيرة لتسريع إنتاج السيارات الكهربائية خلال السنوات القادمة.
تشير التقديرات إلى أن صناعة السيارات ستستثمر أكثر من 500 مليار دولار بحلول عام 2030 من أجل الانتقال إلى السيارات الكهربائية، في السنوات الأخيرة كان تنوع موديلات السيارات الكهربائية محدودًا للغاية، وكانت بمثابة أحد العوائق العديدة التي تحول دون اعتماد السيارات الكهربائية، الآن بعد أن أصبحت شركات صناعة السيارات التقليدية متناغمة مع فرص العمل في السيارات الكهربائية، فإن الاستثمارات في مرافق تصنيع وابتكار السيارات الكهربائية تتضخم، في المقابل، يرتفع عدد خيارات السيارات للمستهلكين بسرعة.
2.صفقات شراء كبيرة لكهربة الأساطيل
أدى طلب شركة Hertz لشراء 100000 سيارة من شركة تسلا إلى تجاوز القيمة السوقية الإجمالية البالغ 1 تريليون دولار في الربع الأخير من عام 2024، في حين أن اتفاقيات معظم شركات صناعة السيارات مع شركات تأجير السيارات غير ملحوظة، كان طلب Hertz بمثابة إشارة واضحة إلى أن الكهربة أصبحت ربما سائدة.
كان الأمر الأكثر إثارة للإعجاب هو استثمار أمازون وإعلان شركة Rivian عن طلب شراء 100000 سيارة كهربائية من أمازون، والذي حدث قبل عامين تقريبًا من صفقة Hertz-Tesla، يشير كلا الأمرين إلى تحرك كبير نحو السيارات الكهربائية.
تشمل الأمثلة البارزة الأخرى على السيارات الكهربائية طلبات الأسطول الكهربائي الكبيرة في صفقات جنرال موتورز مع وول مارت وفيديكس، نظرًا للتأثير الهائل الذي تحدثه المركبات الكهربائية شديدة التحمل على توفير التكاليف وتقليل الانبعاثات، فإن تسريع اعتماد الشاحنات الكهربائية بين المركبات الأخرى يمثل اتجاهًا مهمًا للغاية للكهرباء، مع إدراك المزيد والمزيد من الشركات لفوائد كهربة أساطيلها، يصبح تعزيز هذا الاتجاه أمرًا لا مفر منه.
3. تدخل شركات التكنولوجيا الكبيرة أيضًا في صناعة السيارات الكهربائية
من ناحية، هناك شركات صناعة السيارات التي تعمل بالكهرباء فقط، مثل شركة تسلا الرائدة في سوق تداول الأسهم الأمريكية، ومن ناحية أخرى، هناك صانعو السيارات التقليديون الذين أدركوا مؤخرًا أن ثورة السيارات الكهربائية واسعة النطاق تكتسب زخمًا ويستثمرون بسرعة لدخول السوق، ولكن هناك مجموعة ثالثة من المثير للاهتمام أيضًا أن تغامر في مجال السيارات الكهربائية وهي شركات التكنولوجيا.
كانت هناك شائعات وأخبار عن شركات مثل آبل وجوجل وأمازون بأنها تطور أو تستثمر في السيارات الكهربائية، لا سيما مع التركيز على أنظمة القيادة الذاتية، وقد حرصت التكنولوجيا الصينية الكبيرة أيضًا على الدخول في سوق السيارات الكهربائية المستقلة، حيث تقوم شركات مثل هواوي و Baidu و Xiaomi باستثمارات كبيرة.
كانت الأخبار المفاجئة أيضًا من شركة الإلكترونيات الاستهلاكية Sony عن نموذج أولي للسيارات الكهربائية، تم الإعلان عنها في CES في بداية عام 2024، دليلاً آخر على أن سوق السيارات الكهربائية تبدو واعدة للغاية وستقترب قريبًا من التبني على نطاق واسع، يبدو أنه لا توجد شركة تريد استبعادها عن هذه الصناعة المتنامية، ويبدو أن المستهلكين منفتحون أيضًا على الفكرة، في استطلاع حديث أعرب 49% من المشاركين عن رغبتهم في شراء سيارة كهربائية صنعتها شركة تكنولوجيا.
