جدول المحتويات
ما الحكمة من تحريم الزنا سؤال يتردد علينا عندما نفكر في العقوبة الشديدة التي فرضها الله على من يقع في هذا الذنب العظيم؛ ولأن ديننا الإسلامي ليس إلا دين رحمة للناس كان لكل أمرٍ فيه حكمة تعود على المؤمن بالخير الكثير مثل فرض الصيام والصلاة وتحريم الزنا وغيرها.
ما الحكمة من تحريم الزنا
الزنا هو علاقة تحدث بين رجل وامرأة دون أن يكون بينهما عقد زواج، وهو من الكبائر التي أنزل الله لها عقوبات في كتابه العزيز؛ لأن فيها انتهاك لحرمة من حرمات الله عزو جل ونشر للرذيلة والفساد وعدم حفظ الأنساب في المجتمعات وانكسار الروابط الأسرية التي يعززها الإسلام قال تعالى: “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلًا”.
يمكننا أن نجيب على ما الحكمة من تحريم الزنا خلال النقاط التالية لنعلم أن ديننا عظيم لا يحرم شيئًا إلا ليدرأ به المفسدة عن النفس البشرية:
- تحريم الزنى جاء متوافقًا مع طبيعة الإنسان السوية وغيرته على عرضه وهذا ما ميز الله سبحانه وتعالى به الإنسان عن الحيوانات، طبيعية الإنسان البشرية لا تتحمل رؤية أخته أو أمه مثلًا تحت اعتداء شخص ما.
- تحفظ الأنساب من الاختلاط بتحريم الزنا لأنه لو كان هذا مباحًا لم نكن نعلم هذا الطفل ابن من وأخو من ومن أين أتى ووقتها تتضيع الروابط العائلية.
- يحمي تحريم الزنا الأسر من التفكك والإنهيار؛ لأنه إذا بحث كل واحد من الزوجين عن عشيق خارج المنزل لانهارت الأسرة دون أن يحافظ عليها أحد.
- يقي تحريم الزنا من الأمراض لأنه إذا تفشى في المجتمعات سيتسبب في الكثير من الأمراض الجنسية مثل الإيدز والسيلان والزهري وغيرها.
- حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الآثار المترتبة على ممارسة الفاحشة وقال “لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا”.
- يحفظ كرامة المرأة ويصونها لأنه إذا تفشت الفاحشة تصبح المرأة بضاعة مهانة تباع وتشترى حسب الأهواء فكان في تحريم الزنا حفظًا لحقوقها.
- يحد تحريم الزنا من انتشار الجرائم فربما يقتل شخص ما زوجته عندما يراها مع شخص آخر.
أربع قواعد في حكمة تحريم الزنا
يمكننا تلخيص كل ما ذكرناها في سؤال ما الحكمة من تحريم الزنا في خمس نقاط رئيسية وهي:
- كرامة المرأة.
- اختلاط النسب.
- الفطرة السوية.
- حفظ حق الأبناء.
- الرابط الاسري.
حفظ الإسلام للأعراض
الشريعة الإسلامية تبنى على خمس ضروريات هي المال والعقل والعرض والنفس والدين وهي أشياء لا بد للإنسان أن يحافظ عليها ولا يسمح لأي شخص بانتهاكها ويطبق أحكام الشريعة الإسلامية فيها، وكان الزنا ينتهك أحد هذه الضروريات الخمس وهو العرض فجعله الإسلام كبيرة وكل شيء يؤدي إليه معصية.
عقوبة الزاني
الكبائر هي الذنوب التي يترتب عليه عقاب أو حد في الدنيا ومنها الزنا الذي يجب على فاعله الحد في الدنيا قبل الآخرة وهذا ما سنذكره بالتفصيل فيما يلي:
- قال تعالى “الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين”.
- يجلد الزاني الذي لم يتزوج من قبل مائة جلدة إذا ثبت عليه الزنا وهذا يقام على الرجل والمرأة ويزيد على عقوبة الرجل أنه يتم نفيه من المكان الذي يعيش فيه لمدة عام كامل.
- يرجم الزاني المتزوج سواء كان رجلًا أو امرأة حتى الموت إذا ثبت عليه الزنى بالشهود.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم “البكر بالبكر:جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم”.
آيات الزنا في القرآن الكريم
ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحدثت عن خطورة الزنا وعقوبته والآثار المترتبة عليه سنذكر بعضًا منها فيما يلي:
- “والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا” الآية 68 من سورة الفرقان.
- “والذين هم لفروجهم حافظون*إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين” الآية 5 من سورة المؤمنون.
- “ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلًا” الآية 32 من سورة الإسراء.
الأسباب التي تؤدي إلى الزنا
حرم الله سبحانه وتعالى الزنا وحرم كل الأفعال التي تؤدي إليها وتجعل الشخص غير قادر على حفظ نفسه منها ومن هذه الأسباب ما يلي:
- الابتعاد عن غض البصر قال الله تعالى “قل للمؤمنين يغطوا من أبصارهم” لذلك لا بد أن يحفظ الشخص بصره سواء كان ذكرًا أو الأنثى في الأماكن العامة وأمام شاشة التلفاز وفي أي مكان يكون فيه اختلاط.
- التبرج والسفور، خروج النساء من منازلهم في ملابس ملفتة وفاتنة وهن متعطرات سبب من أسبابا الفاحشة والله سبحانه وتعالى يقول “وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى”
- الاختلاط ودخول الرجال على النساء من غير محارمهم فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول “إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو، قال: الحمو الموت” وهذا تأكيد عن الأمر يكون أشد خطورة مع أقارب الزوج.
- البعد عن الالتزام بالعقوبة الشرعية للزاني والزاني يجعل الناس يتراخون في الأمر ويأمنون العقوبة.
- التأخر في الزواج من أبرز أسباب الوقوع في الزنا لذلك من الأفضل السعي إلى تزويج الشباب مبكرًا وعدم التضييق عليهم.
- آلات الفساد واللهو التي غزت المجتمعات الإسلامية والأفلام التي تدعو إلى الفاحشة والصور المحرمة التي يتم تناولها بين الشباب دون خوف أو مراقبة لله عز وجل.
- خيانة الرجل لزوجته أو المرأة لزوجها يجعل في داخل الطرف الآخر رغبة في الإنتقام فيقوم بفعل نفس الفعل الشنيع حتى ينتقم من شريكه مع شخص آخر.
أحكام تحريم الزنا
الزنى حد من حدود الله عز وجل من يقع فيه يستحق عقوبة في الدنيا وفي الآخرة إذا لم يتب لله عز وجل ومن أحكام تحريم الزنى ما يلي:
- ينبغي على المسلم أن يرضى ويسلم بأمر الله عزوجل بتحريم الزنا واتباع الفطرة السوية التي فطره الله عليها.
- يؤدي الزنا إلى حدوث اختلاط في الأنساب وهذا يسبب ظهور العديد من مشاكل الميراث وغيرها وهناك قاعدة تقول أن اختلاط التحريم محرم.
- يسبب الزنى العديد من الأمراض المزمنة والأمراض التناسلية مثل مرض الإيدز والزهري.
- يحفظ ديننا الإسلامي كرامة المرأة ولا يجعلها مجرد سلعة تباع وتشترى، وعدم تحريم الزنا كان سيتعارض مع شعور بقيمتها وكرامتها.
- يؤدي انتشار الزنى إلى تفكك الأسرة وانتشار الخيانة بين الزوجين ومعدلات القتل بينهما.
التسليم بتحريم الزنا
يحدث في الآونة الأخيرة أن يبحث الأشخاص عن الحكمة وراء كل أمر أمرنا الله به وكل أمر نهانا عنه؛ ولأن ديننا دين إنسانية دائمًا نجد أسباب هذه الأحكام تعود بالخير على الإنسان وتحفظ له كرامته لكن في أول الأمر وآخره لا بد أن يكون أمرنا أمام هذه الأوامر والنواهي هي التسليم فقط حتى وإن لم نعرف الحكمة وراء مشروعيتها.
ولا تقربوا الفواحش
يقول الله سبحانه في كتابه العزيز “ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن” واختار هنا الحديث عن مجرد القرب وليس الفعل المباشر لأن مقدمات الأمر أحيانًا تكون أكثر منه خطورة ومقدمات الزنا هي النظر والخضوع بالقول والاختلاط الزائد عن الحاجة وغيرها من الأسباب التي قد تؤدي إلى الزنا لذلك لا بد أن نحافظ على الحدود التي وضعها لنا الإسلام حتى لا نسقط.
وهكذا نكون قد عرفنا ما الحكمة من تحريم الزنا وعقاب هذا الذنب العظيم، لذلك ينبغي على المسلم دائمًا أن يعف نفسه عن النظر للحرام وعدم غض بصره حتى يحفظه الله من شر الفتن التي تحيط به من كل اتجاهات.