ما الحكمة من اخفاء ليلة القدر

ما الحكمة من اخفاء ليلة القدر؟ وما علاماتها وكيف يحييها المسلم؟ أبرز ما يدور من أسئلة عن ليلة القدر لدى كل مسلم حول العالم، بالتزامن مع اقترابنا من العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، ورغبة كل مسلم بكسب الأجر الكبير بفضل هذه الليلة المباركة، ومن هذا المنطلق وفي سطورنا التالية عبر موقع مقالاتي، سنتناول الإجابة عن سؤال لماذا رفعت معرفة ليلة القدر، ونتحدث بصورة مفصلة عن كل ما يخص ليلة القدر.

موعد ليلة القدر

كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم موعد ليلة القدر، لكن الله أنساه إياها، بسبب تشاجر شخصين في المسجد، وروى عبادة بن الصامت حديث شريف عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: {خَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيُخْبِرَنَا بلَيْلَةِ القَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلَاحَى فُلَانٌ وفُلَانٌ، فَرُفِعَتْ وعَسَى أنْ يَكونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا في التَّاسِعَةِ، والسَّابِعَةِ، والخَامِسَةِ}.[1]

شاهد أيضًا: هل صلاة ليلة القدر واجبة

ما الحكمة من إخفاء ليلة القدر؟

إن الحكمة الإلهية إخفاء موعد هذه الليلة المبارك في الليالي العشر الأخيرة من رمضان لتقام هذه الليالي كلها، فالعبد الذي يرجو مرضاة ربه، لا يقصر في طاعته في العشر الأواخر من شهر رمضان، ومعرفته موعد ليلة القدر باليوم والتحديد، فيكثر من العبادة والدعاء فيها ويهمل الأخرى، فالله سبحانه وتعالى أخفى عنا علم ليلة القدر كي نقوم بها وننال فضلها بجهد، فالثواب والأجر يكون أعظم، ومن محاسن إخفائها صحيح أن ثواب الله كبير لمن قام هذه الليلة لكنه، عظيم العقاب لمن عصاه بها وهو يعلم أنها ليلة القدر.[2]

معنى ليلة القدر

ليلة القدر لفظ مركب من جزأين الأول وهو الليل، أما الثاني فله أكثر من معنى، وهي تشمل الشرف والوقار، قال تعالى في سورة الزمر الآية 67: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}. صدق الله العظيم.

القدر تعني المكانة العالية، فمكانة هذه الليلة المباركة كبيرة جداً عند الله، لينزل بها الوحي، والقدر ترد بمعنى الحكم والفصل، وفي هذه الليلة تكتب أقدار وأحوال الناس، وهي إحدى الليال العشر الأخيرة في شهر رمضان المبارك.[2]

شاهد أيضًا: معلومات عن ليلة القدر

علامات ليلة القدر

يذهب البعض أن المسلم حين يوفق في قيام ليلة القدر، وتقبل طاعته بها، يشاهد بعض الأشياء الخارقة، فقد يرى كل شي ساجد، وهذا الأمر ليس له أساس من الصحة، وأن لهذه الليلة المباركة علامات دالة عليها، يمكننا أن نشعر بها، ومنها عندما تشرق الشمس بيضاء لا شعاع لها كأنها القمر، تكون الليلة الفائتة هي ليلة القدر، ويقول الشيخ ابن عثيمين أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات تالية، والمقارنة منها، قوة النور فيها، وطقسها معتدل لا حار ولا بارد ولا ريح فيه، يشعر المسلم فيها براحة نفسية وطمأنينة تملأ قلبه، أما العلامات اللاحقة فهي شروق شمس اليوم الذي يليه بيضاء لا شعاع لها.[3]

شاهد أيضًا: ماذا يحدث في ليلة القدر

هل ليلة القدر متغيرة في كل عام أم ثابتة

ليلة القدر ليست بثابتة لا تختص بليلة معينة، وإنما تنتقل بين الليالي العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وهذا ما أخذ به الشافعية، والحنابلة، والمالكية وأكثرية أهل العلم، قال ابن عثيمين في مجموع فتاوى ورسائل العثيمين 20/ 346 – 347:[4]

وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان. وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع. وهي في السبع الأواخر أقرب.

قال ابن باز في مجموع فتاوى ابن باز 6/ 399: 

والراجح أنها متنقلة في ليالي العشر كلها، وأوتارها أحرى، وليلة سبع وعشرين آكد الأوتار في ذلك، ومن اجتهد في العشر كلها في الصلاة والقرآن والدعاء وغير ذلك من وجوه الخير، أدرك ليلة القدر بلا شك وفاز بما وعد الله به من قامها إذا فعل ذلك إيماناً واحتساباً.

شاهد أيضًا: هل المغتاب لا يغفر له في ليلة القدر

كيفية قيام ليلة القدر

إن للمسلمين في قيام ليلة القدر قدوة حسنة وهو النبي محمد خير الخلق والمرسلين، حيث كان يجتهد بالعبادة، ويتجلى اجتهاده بما يلي:[5]

• قراءة القرآن: حث الرسول على قراءة القرآن، ويستحب ختمه في هذه الليلة الفضيلة، وقراءته تدارسا مع الإخوان والأصدقاء في المساجد، لما في ذلك من أجر وثواب.
• الصلاة: أحياء المسلم ليلة القدر بالصلاة والإكثار في التهجد، مسلماً بثواب الله العظيم عليها، ومخلصا فيها، غفر له ما تقدمها من الذنوب، قال -صلى الله عليه وسلم-: {من قام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا ؛ غُفر له ما تقدمَ من ذنبِه . ومن قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا ؛ غُفر له ما تقدمَ من ذنبهِ وما تأخرَ}.[6]
• الدعاء: في ليلة القدر تكتب الأقدار، فحري بالمسلم أن يكثر من الدعاء فيها، ويلح على الله في طلب الصفح والمغفرة، والعفو والعافية.
• العمل الصالح: يستغل المسلم هذه الليلة في العمل الصالح فيفطر مسلم، ويبر والديه، ويخرج الصدقة، ويؤدي الفروض والسنن، ويحرص على أذكار الصباح والمساء.
• الاعتكاف: من الأمور المحببة على العبد في العشر الأواخر من رمضان الاعتكاف وملازمة المسجد، يصلي ويدعو ربه متحريا ليلة القدر طامعا بعظيم الأجر والثواب.

شاهد أيضًا: متى نتحرى ليلة القدر وما فضلها وبم ندعو فيها

 فضل قيام ليلة القدر

إن قيام الليل في هذه الليلة هي من أكثر الأعمال أجرا وثوابا، وأفضلها في التقرب من الله، والفوز برضاه، وأجر العمل فيها  يعادل ألف شهر قوله تعالى: {ليلة القدر خير من ألف شهر}، ومن فضل هذه الليلة المباركة أنه -سبحانه وتعالى- لا يخيب عبدا تضرع له فيها، ولا يبقي ذنبا لمن قامها بصدق إلا وغفرت له، قيام الليل في ليلة القدر يعود على المسلم بالراحة والتوفيق ورضا من الله وأجر لا مثيل له، حيث في هذه الليلة يأمر الله ملائكته بكتابة أقدار الناس، فكم هو جميل أن يكتب الرحمن قدر العبد، وخاشعاً متضرعاً يرجو عفو وصفحاً ومغفرة.[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز النوم في ليلة القدر

بعض الأحاديث عن عظمة ليلة القدر

كثيرة هي الأحاديث الشريفة حول ليلة القدر نذكر منها:

• {كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُدجَاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ويقولُ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ}.[8]
• {إنَّ ناسًا مِنكُم قدْ أُرُوا أنَّها في السَّبْعِ الأُوَلِ، وأُرِيَ ناسٌ مِنكُم أنَّها في السَّبْعِ الغَوابِرِ، فالْتَمِسُوها في العَشْرِ الغَوابِرِ}.
• {أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ}.[9]
• قالَ أُبَيٌّ في لَيْلَةِ القَدْرِ: {وَاللَّهِ إنِّي لأَعْلَمُهَا، وَأَكْثَرُ عِلْمِي هي اللَّيْلَةُ الَّتي أَمَرَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بقِيَامِهَا هي لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وَإنَّما شَكَّ شُعْبَةُ في هذا الحَرْفِ: هي اللَّيْلَةُ الَّتي أَمَرَنَا بهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. قالَ: وَحدَّثَني بهَا صَاحِبٌ لي عنْه}.[10]

شاهد أيضًا: هل يجوز قيام ليلة القدر في البيت

بعض الأدعية مستحبة في ليلة القدر

هناك دعاء مخصوص لليلة القدر ورد عن الرسول في الحديث الشريف روته أم المؤمنين عائشة حيث قالت: {يا رسولَ اللَّهِ أرأيتَ إن وافقتُ ليلةَ القدرِ ما أدعو قالَ تقولينَ اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي}، أخرجه الترمذي (3513)، والنسائي في السنن الكبرى، وابن ماجه واللفظ له وأحمد،[11]وهناك الكثير من الأدعية المستحبة في هذه الليلة المباركة نذكر منها ما يلي:

• اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السماوات والأرض، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان.
• اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل، والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال.
• ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
• اللهم إني أسألك العفو والعافية، في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية، في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي.

وبهذا القدر من المعلومات نكون وصلنا إلى ختام مقالنا هذا بعد الذي أجبنا فيه على سؤال ما الحكمة من اخفاء ليلة القدر؟ وتوسعنا بالحديث عن كل ما يتعلق بهذه الليلة المباركة، وأوردنا بعض الأحاديث المتعلقة بليلة القدر، وبعض الأدعية المستحبة بها.