صفة صلاة التراويح

كيف تكون صفة صلاة التراويح كما وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو كما صلاها السلف الصالح رضوان الله عليهم، فهذه الصلاة من الصلوات التي يسارع المسلمون لصلاتها في هذا الشهر الفضيل لكي ينالوا أجرها وما وعدوا به من النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا المقال سوف يتوقف موقع مقالاتي لبيان صفة صلاة التراويح مع الوقوف على بعض المفاصل المهمة المتعلقة بها.

صفة صلاة التراويح

إنّ صفة صلاة التراويح مثلها مثل باقي الصلوات التي يصليها المسلمون من حيث الوضوء أو الطهارة قبلها مع النية واستقبال القبلة والتكبير ونحو ذلك، ولكن الذي يختلف في صلاة التراويح أنّها تُصلّى مثنى مثنى؛ أي: ركعتان ركعتان، وبعد كل أربع ركعات يستريح المسلمون من القيام الطويل، فسميت الجلسة بعد كل أربع ركعات ترويحة لأنهم يستريحون فيها من القيام الطويل، وسميت الصلاة كلها صلاة التراويح مجازًا، والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: هل صلاة التراويح تغني عن قيام الليل

حكم صلاة التراويح

إنّ حكم صلاة التراويح هو أنّها سنة وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعند الحنابلة والحنفية وبعض المالكية هي سنة مؤكدة، ودليل من قال بسنيّة حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يقول فيه: “إنَّ اللهَ تعالى افترضَ صومَ رمضانَ، وسننت لكمْ قيامَهُ، فمنْ صامَه وقامَه إيمانًا واحتسابًا ويقينًا كانَ كفارةٌ لِمَا مَضَى”،[2] وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي يقول فيه: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”،[3] والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: كم عدد ركعات صلاة التراويح والتهجد

وقت صلاة التراويح

لقد ذهب الفقهاء إلى أنّ وقت صلاة التراويح هو من بعد صلاة العشاء وحتى طلوع الفجر قبل صلاة الوتر، واستدلّوا على ذلك بفعل الصحابة والسلف، وقال بعضهم وقتها الليل كله حتى لو صلاها قبل العشاء، غير أنّ أكثر الفقهاء ردّوا هذا القول، والله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: هل التراويح هي قيام الليل

عدد ركعات صلاة التراويح

لقد اختلف العلماء حول عدد ركعات صلاة التراويح، وفيما يأتي محاولة لاستخلاص جملة أقوالهم:

قول الجمهور

لقد ذهب الجمهور من العلماء إلى أنّ عدد ركعات صلاة التراويح هي عشرون ركعة كما صلاها الصحابة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد قال بذلك الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية.[6]

قول المالكية

قال المالكية فيما نقلوه عن الإمام مالك إنّ عدد ركعات صلاة التراويح تتراوح ما بين عشرين إلى ست وثلاثين ركعة، وهو ما ورد في المدوّنة، وفي غير المدونة نُقل عن الإمام مالك أنّه قال إنّ الأحبّ إليه هو أن تُصلّى إحدى عشرة ركعة كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، وهنالك أقوال أخرى كذلك ولكن هذه أشهرها.[6]

قول باقي العلماء

أمّا باقي العلماء من المذاهب الأربعة فقد كان لهم أقوال أخرى متعددة، فالكمال بن الهمام من الحنفية خالف جمهور الحنفية وقال إنّها إحدى عشرة ركعة، وقال آخرون ليست أقل من عشرين ولكن يمكن الزيادة عليها ما شاء، وهنالك أقوال أخرى للعلماء، فالله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: كيفية صلاة التراويح للنساء في المسجد

ماذا يقرأ في صلاة التراويح

لقد ذهب الحنابلة وأكثر فقهاء الحنفية إلى أنّ الأفضل في صلاة التراويح هو أن يختم الإمام القرآن فيها، وقال الحنفية السنة الختم مرة واحدة، وقال غيرهم الأفضل الختم ثلاث مرات كما في وصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويقابل هذه الأقوال القول بأن يُخفّف الإمام لأنّ التراويح نافلة، واستحبّ بعض فقهاء الحنفية أن يقع الختم في ليلة السابع والعشرين رجاء أن ينالوا ثواب ليلة القدر، وقال العلماء غير ذلك، والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: عدد ركعات صلاة التراويح وكيفية أدائها

حكم الجماعة في صلاة التراويح

إنّ الجماعة في صلاة التراويح قد أُثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس صحيحًا أنّ أوّل من جمع الناس عليها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولكن ورد أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع الناس لصلاة القيام في رمضان -وهي التراويح- فصلى الناس بصلاته، ولكنه -عليه الصلاة والسلام- خشي على المسلمين أن تُفرَضَ عليهم الصلاة فيعجزون عنها، فأخبرهم أن يصلوها في بيوتهم.[8]

تروي أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فتقول: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ ذاتَ لَيْلَةٍ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجالٌ بصَلاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ، فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّوْا بصَلاتِهِ، فَلَمَّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ حتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْها”.[9]

وعندما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- وصارت الخلافة إلى عمر بن عبد الخطاب -رضي الله عنه- ارتأى أن يجمع المسلمين على إمام واحد كون التشريع قد انتهى بوفاة النبي عليه الصلاة والسلام.[8]

يروي عبد الرحمن بن عبد القاري فيقول: “خَرَجْتُ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، لَيْلَةً في رَمَضَانَ إلى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، ويُصَلِّي الرَّجُلُ فيُصَلِّي بصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أرَى لو جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ علَى قَارِئٍ واحِدٍ، لَكانَ أمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمعهُمْ علَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ معهُ لَيْلَةً أُخْرَى، والنَّاسُ يُصَلُّونَ بصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هذِه، والَّتي يَنَامُونَ عَنْهَا أفْضَلُ مِنَ الَّتي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وكانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أوَّلَهُ”.[10]

شاهد أيضًا: كم عدد ركعات التراويح مع الشفع والوتر

دعاء القنوت في صلاة التراويح

دعاء القنوت يُقصَد به الدعاء الذي يُقال في صلاة الوتر بعد صلاة التراويح، وقد ورد في الشأن دعاء مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، وآخر مأثور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيما يأتي بيانها:

دعاء القنوت المأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام

لقد ورد عن الحسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- أنّه قال: “علَّمني جَدِّي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولُهنَ في الوِترِ: اللَّهمَّ اهدني فيمن هديتَ، وعافني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقِني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يُقضى عليكَ وإنَّهُ لا يذِلُّ من واليتَ، ولا يعِزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ”.[11]

دعاء القنوت المأثور عن عمر بن الخطاب

إنّ دعاء القنوت الثابت عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هو قوله: “اللَّهُمَّ اغفِر لَنا وَلِلْمُؤمنينَ، والمُؤْمِناتِ والمسلِمينَ والمُسْلِماتِ، وألِّف بينَ قلوبِهِم وأصلِح ذاتَ بينِهِم، وانصُرهم علَى عدوِّكَ وعدوِّهم، اللَّهمَّ العَن كفَرةَ أَهْلِ الكِتابِ الَّذينَ يصدُّونَ عَن سبيلِكَ ويُكَذِّبونَ رُسُلَكَ، ويقاتِلونَ أولياءَكِ، اللَّهمَّ خالِف بينَ كلِمتِهِم، وزَلزِلْ أقدامَهُم، وأنزِلْ بِهِم بأسَكَ الَّذي لا تردُّهُ عنِ القومِ المُجرمينَ، بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، اللَّهمَّ إنَّا نَستعينُكَ ونَستغفِرُكَ، ونُثني علَيكَ، ولا نَكْفرُكَ ونَخلعُ ونَترُكُ من يفجُرُكَ، بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعبدُ ولَكَ نُصلِّي ونسجُدُ ولَكَ نَسعَى ونَحفِدُ ونخشَى عَذابَكَ الجِدَّ ونَرجو رحمتِكَ إنَّ عذابَكَ بالكافِرينَ مُلحِقٌ”.[12]

شاهد أيضًا: أقل عدد ركعات صلاة التراويح إسلام ويب

صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف

ورد عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنّه قال: “صُمنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم فلم يقُم معنا شيئًا من الشَّهرِ حتَّى بقيَ سبعٌ فقام بنا حتَّى ذهب ثلثُ اللَّيلِ فلمَّا كانت السَّادسةُ لم يقم بنا فلمَّا كانت الخامسةُ قام بنا حتَّى ذهب شَطرُ اللَّيلِ فقلتُ يا رسولَ اللهِ لو نفَّلتنا قيامَ هذه اللَّيلةِ فقال إنَّ الرجلَ إذا صلَّى مع الإمامِ حتَّى ينصرفَ حُسِبَ له قيامُ ليلةٍ”.[13]

فقال العلماء إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد بشّر مصلي التراويح مع الإمام حتى ينصرف من الصلاة بأنّه كمَن قام ليلة كاملة، ولكن الذي لا يتابع الصلاة مع الإمام حتى ينهي الصلاة كاملة مع الوتر فإنّه لا يناله هذا الوعد، بل الوعد ينال من يصلي الصلاة كاملة حتى ينصرف الإمام من صلاته كاملة، والله أعلم.[14]

وإلى هنا يكون قد تم مقال صفة صلاة التراويح بعد الوقوف على كيفية أداء هذه الصلاة كما جاءت عن السلف الصالح رضي الله عنهم، إضافة للمرور على أبرز الأمور المتعلقة بمسألة التراويح.