جدول المحتويات
شجرة تخرج من طور سيناء تلك الشجرة المباركة التي ورد ذكرها في كتاب الله العزيز، ويقصد بها شجرة الزيتون، وقد ذُكرت في القرآن الكريم سبع مرات، وذلك يخبرنا بالمكانة العظيمة لتلك الشجرة التي تحتوي على كنوز من الفوائد للإنسان، والتي أثبت العلم الحديث فوائد أكل الزيتون واستخدام زيته.
معنى شجرة تخرج من طور سيناء
قال الله تعالى في كتابه العزيز في سورة المؤمنون: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (20))، ومعنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى خلق لنا شجرة الزيتون التي تنبت في منطقة جبل الطور بشبه جزيرة سيناء، وهو جبل مبارك، حيث نودي منه نبي الله موسى عليه السلام، ومعنى تنبت بالدهن أي أن هذه الشجرة تنبت ثمار الدهن أي تخرجه، وذلك لأن الزيتون يتم استخلاص الزيت منه، ويستخدم في العديد من الاستخدامات التي لا حصر لها، وهو غني بالفوائد.
وصبغ للآكلين معناها أنه يصطبغ بالزيت الذي يأكلونه، أي أن من يأكله يأتدم منه ويصطبغ به، وذلك لأنه يصبغ الخبز عند أكله به ويجعله كأنه مصبوغ، وقد خص الله شجرة الزيتون بالذكر لأن لها مكانة خاصة في بلاد الشام، ولأنها تحتوي على منافع عظيمة، فتؤكل ثماره، ويستخلص منه الزيت الذي يستخدم في العديد من الاستعمالات، فيكون إداما للآكلين، ويستخدم في الاستصباح به، وغير ذلك، كما خص الله سبحانه وتعالى منطقة طور سيناء بالذكر بإنبات شجرة الزيتون فيها على الرغم من أنها تنبت في العديد من المناطق الأخرى، لأن ذلك هو منبتها الأصلي والذي تنتشر فيه بكثرة، ومنه انتقلت إلى الأماكن الأخرى وانتشرت زراعتها.
شاهد أيضًا: فوائد ورق الغار لصحة الجسم وأنواع اوراق الغار
الإعجاز العلمي في شجرة تخرج من طور سيناء
حين نتأمل هذه الآية الكريمة “وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ “، فنجدها سهلة في ألفاظها وكلماتها وسهلة في التعبير، وأيضا مفهومة المعنى بالكامل، ولا تكاد تخفي شيئا خلف ألفاظها من الناحية اللغوية، فهي تحتوي على ألفاظ مألوفة ومعهودة، وقد وردت هذه الآية الكريمة في سورة المؤمنون بعد أن ذكر الله عز وجل الأشجار الأخرى، مثل النخيل والأعناب، حيث قال تعالى:” أَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُون”(19).
وذكر كلمتي النخيل والأعناب في الآية الكريمة يختص بالأكل، لأن صيغة الآية جاء بكلمة تأكلون، ونجد نفس الثمار قد ورد ذكرها في سورة النحل، ولكنها وردت بصيغة الشراب، حيث قال تعالي: “وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ”(67)، وفي ذكر الزيتون فإن الزيت المستخلص منه يصنف من الطعام، وذلك لقوه تعالى “وصبغ للآكلين” ، فالصيغة واضحة لفظا، ومن عظمة القرآن الكريم أنه يسير في الفهم، فكل انسان يتمكن من فهم ألفاظ وآيات القرآن الكريم بحسب مستواه من الإدراك.
فالعالم اللغوي يمكنه إدراك معاني القرآن وفقا لمستواه في البلاغة، وقد يفهم العالم الكوني معاني القرآن بحسب مستواه في بلوغ العلم، ويظل كلام الله سبحانه وتعالى يساير كل العصور مع تقدمها وإنجازاتها المختلفة وبلوغ الانسان لدرجات كبيرة من الاكتشافات العلمية، فتظل معجزة القرآن الكريم ثابتة وقائمة على مر العصور، بينما تختلف الحقائق العلمية وتظل متغيرة ونسبية، والإنسان العادي بقدر علمه يمكن أن يفهم أن الشجرة المباركة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم هي شجرة الزيتون، والتي تنبث في جبل طور بسيناء وهو منبتها الأصلي، وهذه النقطة بالتحديد ثبتت حقيقتها في العلوم الأحيائية.
حيث ثبت أن أصل الأصناف والأنواع في النباتات ينحدر من المنطقة الممتدة من شمال إيران وحتى فلسطين، وهو الموطن الأصلي للعديد من الأشجار الأخرى مثل شجر التين، ولكن صفة الإنبات بالدهن تجعل المعنى يقتصر على الأشجار الزيتية، ومنها شجر اللوز، ولكن هذه الأشجار تعطي الدهن دون الصبغ، فكانت كلمة الصبغ التي وردت في الآية الكريمة هى أدق تعريف لشجرة الزيتون التي هي الشجرة الوحيدة التي تعطي الدهن والصبغ معا دون غيرها.
فوائد شجرة تخرج من طور سيناء
ورد ذكر الشجرة المباركة في آيات القرآن الكريم سبع مرات، وهذا يعتبر تأكيدا على الفوائد العظيمة لهذه الشجرة، ووفقا لذلك قدم أحد الباحثين في الجيولوجيا بحثا في مجال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، ذكر فيه فوائد شجرة الزيتون والحقائق العلمية المثبتة بشأنها.
فشجرة الزيتون من الأشجار المعمرة ودائمة الخضرة، تنتمي لفصيلة الأشجار الزيتية، ولا يحتاج الإنسان إلى زراعتها ولكن الله سبحانه وتعالى ينبتها في المناطق الجبلية، وقد خصها الله سبحانه وتعالى بالذكر في عدة مواضع من القرآن، نظرا لفوائد العديدة للإنسان والبيئة معا، حيث تفيد الأشجار في حد ذاتها في زيادة نسبة الأكسجين في الجو، وتلطيف المناخ، وذكرها الله تعالي في آياتٍ أخرى مثل قوله تعالي: (يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ) سورة النور: 33.
شاهد أيضًا: سبب نزول سورة الفاتحة
فوائد شجرة الزيتون
ولا تقتصر فوائد شجرة الزيتون على ثمارها فقط، ولكن تشمل أيضا خشبها وزيتها وأوراقها، وذلك على النحو التالي:
- يعتبر خشب شجر الزيتون من أفضل وأجود أنواع الأخشاب التي يتم استخدامها في العديد من الاستخدامات، مثل تصنيع الأثاث والتحف الخشبية، كما يستخدم أيضا كوقود للمدافئ التي تعتمد على استخدام الحطب، تحتوي ثمار الزيتون على قدر هائل من المعادن الهامة للجسم، مثل الكالسيوم، والصوديوم، والفوسفور، والبوتاسيوم، والنحاس، والكبريت، واليود، والمغنيسيوم، بالإضافة إلى نسبة من الأحماض الأمينية، وفيتامينات (أ، هـ، ب).
- ثمار الزيتون هي أهم الأجزاء في أشجار الزيتون، فبعد أن يتم قطفها يستخدمها الإنسان في العديد من أشهى الأصناف المختلفة، كعمل المخللات والمقبلات وغيرها، كما يتم عصر ثمار الزيتون في معاصر خاصة لكي يتم استخلاص زيت الزيتون الصافي، والذي يستخدم في مجالات لا حصر لها.
- أما عن أوراق شجر الزيتون فلا تقل أهمية عن باقي أجزاء الشجرة، فقد تم إجراء العديد من الأبحاث على أوراق شجر الزيتون، وأثبتت أنه يحقق فوائد عديدة في علاج العديد من الأمراض، فتحتوي أوراق شجر الزيتون على خصائص طبيعية مضادة للفطريات والبكتيريا والطفيليات، فتعالج العديد من أمراض المعدة من خلال وضع أوراق الزيتون في كوب من الماء الساخن، وتترك لمدة عشر دقائق، ثم يتم تناول هذا المشروب.
شاهد أيضًا: من هو النبي الذي دفن في عهد عمر بن الخطاب
فوائد زيت الزيتون
تناول زيت الزيتون في الطعام يساعد في الوقاية من الأمراض السرطانية، حيث يحتوي على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، كما يساعد في تعزيز إنتاج هرمونات الصفراء والبنكرياس، مما يقلل من احتمالية تكوّن حصوات المرارة، ويستخدم زيت الزيتون في خسارة الوزن الزاد، حيث أنه قليل في السعرات الحرارية، كما يعمل على تقليل الشهية تجاه الطعام.
يفيد زيت الزيتون في علاج حالات الإمساك والبواسير، كما يعالج العديد من المشكلات المرتبطة بالجهاز الهضمي، يستخدم زيت الزيتون بشكل موضعي على البشرة والشعر، فيعمل على تنعيم الشعر وزيادة كثافته، ويعمل على علاج التهابات البشرة وزيادة نضارتها، كما يستخدم زيت الزيتون في صناعة العديد من مستحضرات التجميل ومنتجات العناية بالبشرة والشعر، وأنواع مختلفة من الصابون والشامبو وغيرها.
وختامًا، فقد ورد ذكر شجرة تخرج من طور سيناء في عدة مواضع أخرى من القرآن الكريم، كقوله تعالي: “وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2)”، فسبحان الله تعالى الذي خلق لنا تلك المعجزة التي تعتبر من كنوز النباتات لما تحتويه من فوائد هائلة للإنسان.