ما حكم تمني الموت والدعاء على النفس بالموت

ما حكم تمني الموت والدعاء على النفس بالموت وهل الدعاء على النفس مستجاب بإذنه تعالى، وما دلاله تحريم أو إكراه أو استحباب ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والكثير من الاستفسارات الأخرى التي تدور في بال المسلمين خوفاً من ارتكاب الإثم أو الوقع بشيء مكروه أو محرّم أو غير جائز شرعاً، وعبر موقع مقالاتي سوف نرفق كافة أحكام تمني الموت والدعاء على النفس.

ما حكم تمني الموت

إن حكم تمني الموت دعاء العبد على نفسه بالموت غير جائز بل حرام، فعلى العبد أن يصبر ويحتسب على حكم ربه، والرضا بالقضاء والقدر خيره وشره حتى ترتفع من مرتبه عند الله، وخير العباد الشاكرين لله، والصابرين على المحن والشدائد، والسائلين المولى الهداية والثبات على دين الحق، وعندما يصاب بضرر يسأل الله العفو والعافية فهو أمر الله والله ولي التوفيق، واستدل العلماء على حرمة ذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: “لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به”.[1]

شاهد أيضًا: حكم الدعاء في ليلة الاسراء والمعراج

حكم من دعا على نفسه بالموت قبل حلول الأجل

إن حكم من دعا على نفسه بالموت قبل حلول الأجل اعتدى في الدعاء من جهتين، وهاتين الجهتين هما:

• من جهة عدم الإيمان: فيدل هذا على خلل إيمانه بالله تعالى والقضاء والقد، واستدل العلماء على ذلك قوله تعالى في سورة النحل الآية 61: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}.[2]
• من جهة الوقوع: وقد نهى النبي عن ذلك في أحاديث كثيرة، واتفق على صحتها أهل العلم، واستدل العلماء على صحة ذلك بالحديث الذي رواه أبي أمامة الباهلي _رضي الله عنه_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال : “نفثَ روحُ القدُسِ في رُوعِي أنَّ نفسًا لَنْ تخرُجَ مِنَ الدنيا حتى تستكْمِلَ أَجَلَها وتستوعِبَ رِزْقَهَا فَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ ولا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرزقِ أنْ تَحْمِلُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ لَا يُنَالُ ما عِنْدَهُ إلَّا بِطَاعَتِهِ”.[3]

شاهد أيضًا: دعاء أنس ابن مالك لرد كيد الاعداء

هل يجوز تمني الموت لمصلحة دينية

نعم، يجوز تمني الموت لمصلحة دينية، وهذا نحو أن يتوفى العبد والله راضٍ عنه، لكنّ يحرّم أن يتمنى العبد الموت لضرر، أو لمصاب أصابه، نحو الضيف، فما بعد الضيق إلا الفرج بإذنه تعالى، فالدنيا هي دار ابتلاء، والآخرة هي دار السعادة والرخاء، فكيف يدعو من يخاف من الله على نفسه، ولا يدعي على نفسه سوى ضعاف النفوس والإيمان بالله تعالى وقضائه وقدره، وهي مكيدة من مكائد الشيطان والواجب الاستغفار والتحلي بالصبر ودعاء الله بالفرج القريب، وقال أهل العلم: “فظهر بذلك أن تمني الموت والدعاء به، جائز، إن كان لمصلحة دينية، وهو خوف الفتنة في دينه، أو الشوق إلى الله ورسوله، إن كان في ذلك المقام، ومكروه فيما عدا ذلك”.[4]

شاهد أيضًا: دعاء الرزق الذي لا يرد مكتوب ، أدعية للرزق مستجابة

هل يستجاب دعاء الإنسان على نفسه بالموت؟

لا يستجاب دعاء العبد على نفسه بالموت إن شاء الله تعالى، وما على من يدعي على نفسه بالموت إلا أن يتوب لله تعالى ويسأله العفو والعافية وطول العمر فما فيه طاعته، وخير طال عمره وحَسُنَ عمله، وقد نهى النبي عن الدعاء على النفس،[5] وهذا في الحديث النبوي الشريف الذي رواه جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم قال: “لا تَدْعوا على أنفُسِكم ولا تَدْعوا على أولادِكم ولا تَدْعوا على خَدَمِكم ولا تَدْعوا على أموالِكم؛ لا تُوافِقوا من اللهِ تبارك وتعالى ساعةَ نَيلٍ فيها عَطاءٌ، فيستجيبَ لكم”، أخرجه مسلم باختلاف يسير في أثناء حديث، وأبو داود واللفظ له [6]

شاهد أيضًا: ما حكم تكرار سبحان ربي الاعلى في السجود

أوجه تمني الموت والدعاء على النفس بالموت

إن تمني الموت يقع على وجوه، ومن أوجه تمني الموت والدعاء على النفس ما يلي مع أحكام كل منها:

• الضرر الدنيوي الذي ينزل عن العبد: وهذا غير جائز، والأولى الدعاء لله بالخير سواء كان في الحياة أو في الموت، والدليل على ذلك الحديث الذي روي عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي ، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي” – أخرجه البخاري، ومسلم.[7]
• خوفاً من الفتنة في الدين: وهنا تمني الموت جائز، وهذا من خلق الصحابة وأئمة المسلمين، وفي حديث المنام الذي رواه أبو هريرة _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: “اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الطَّيِّباتِ وتركَ المنكَراتِ وحبَّ المساكينِ وأن تتوبَ عليَّ وإذا أرَدتَ بقومٍ فتنةً أو أرَدتَ بينَ قومٍ فتنةً فاقبِضني إليكَ غيرَ مفتونٍ”.[8]
• حضور أسباب الشهادة اغتناما لحضورها: وهنا جائز أيضًا تمني الموت، وخاصة عند الجهاد بسبيل الله، وكذلك سؤال معاذ لنفسه وأهل بيته الطاعون لما وقع بالشام.
• تمني الموت لمن يثق بأعماله شوقاً إلى لقاء الله عز وجل: هذا الأمر من الأمور التي يجوز فيها تمني الموت أيضًا، وقد استدل العلماء على جواز ذلك قول الله عز وجل في سورة البقرة الآية 94: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ}.[9]
• على غير الوجوه المتقدمة: اختلف العلماء على كراهية واستحاب وحرمة تمني الموت، ف٠ماعة السلف رخصوه، بينما المذاهب الآخرة نبذت ذلك، وعللوا ذلك بسببين، الأول أن هو المطلع شديد أي (أهوال الموت)، والثاني أن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيراً، فالعبد البار طول العمر له سعادة وزيادة للحسنات، ولا يجب أن يتمنى العبد زوالها.

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا المقال ما حكم تمني الموت والدعاء على النفس بالموت، وقد ذكرنا في سطوره أحكام الدعاءِ على النفسِ وتمنيْ الموت بصورة مفصلة، وهل الدعاء على النفس مستجاب، وما هي أوجهه.