حكم المبيت بمنى ايام التشريق وهل هو ركن من أركان الحج؟

ما هو حكم المبيت بمنى ايام التشريق وهل هو ركن من أركان الحج؟ فللحج أركان ينبغي للحاج الإتيان بها، ويسأل عنها كثيرًا خوف تفويت ركن من تلك الأركان، والمبيت في مِنى يكون عادة أيام التشريق، وأيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تلي يوم النحر العاشر من ذي الحجة، وفي هذا المقال سوف يتوقف موقع مقالاتي مع بيان حكم المبيت في منى في أيام التشريق وغير ذلك.

حكم المبيت بمنى ايام التشريق وهل هو ركن من أركان الحج؟

إنّ حكم المبيت في منى أيام التشريق هو واجب عند الجمهور، وهو بذلك ليس من أركان الحج، وإنّما من واجباته، وأدلّة العلماء على ذلك كثرة منها حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- الذي تقول فيه: “أفاضَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ- من آخرِ يومِهِ حينَ صلَّى الظُّهرَ، ثمَّ رجعَ إلى منًى، فمَكَثَ بِها لياليَ أيَّامِ التَّشريقِ يرمي الجمرةَ، إذا زالَتِ الشَّمسُ كلُّ جمرةٍ بسبعِ حصياتٍ، يُكَبِّرُ معَ كلِّ حصاةٍ، ويقفُ عندَ الأولى، والثَّانيةِ فيطيلُ القيامَ، ويتضرَّعُ، ويرمي الثَّالثةَ ولا يقفُ عِندَها”،[1] والله أعلم.[2]

اقرأ أيضاً: هل يجوز عمل عمرة لشخص حي مريض

هل المبيت بمنى ايام التشريق ركن من أركان الحج؟

إنّ المبيت في منى في أيّام التشريق ليس ركنًا من أركان الحج، وإنّما هو واجب عند جمهور العلماء من فقهاء المذاهب الثلاثة المالكي والشافعي والحنبلي، وعند فقهاء المذهب الحنفي يرون أنّ المبيت في منى في ليالي أيام التشريق الثلاثة سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وليست واجبًا، والله أعلم.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الحج بدون محرم

حكم المبيت بمنى عند المذاهب الأربعة

لقد اختلف فقهاء المذاهب الأربعة حول حكم المبيت في منى أيام التشريق، وتفصيل أقوالهم كما يأتي:

قول الجمهور

ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنّ المبيت بمنى أيام التشريق هو واجب، ويلزم من تركه الفداء، والفداء عند المالكية هو الدم، وذلك لترك جُلّ ليلة فأكثر، وعند الشافعية والحنابلة يكون الدم لترك الليالي كلهم، وأمّا من ترك ليلة فعليه مُد، ولمن ترك ليلتين مُدَّين، وللجمهور أدلة كثيرة على وجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق، منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما: “اسْتَأْذَنَ العَبَّاسُ بنُ عبدِ المُطَّلِبِ -رَضِيَ اللهُ عنْه- رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أَنْ يَبِيتَ بمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى، مِن أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فأذِنَ له”،[3] ولو لم يكن واجبًا لما احتاج للإذن، والله أعلم.[4]

قول الحنفية

ذهب الحنفيّة إلى أنّ المبيت في منى ليالي أيام التشريق هو سنّة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس واجبًا من واجبات الحج ولا ركن من أركانه، وبذلك فمن تركه فلا شيء عليه، وأدلّة فقهاء الحنفية هي نفسها أدلّة الجمهور من الأحاديث الصحيحة، غير أنّهم يرون فيها دلالة على السنّيّة لا على الواجب، والله أعلم.[4]

حكم المبيت خارج منى

إنّ المبيت خارج منى إن كان لعذر، فإنّه لا شيء على الحاج؛ بدليل ترخيص النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمّه العباس بالمبيت خارج منى ليالي أيام التشريق من أجل سقايته،[4] ولكن لو تركها لغير عذر ففيه قولان:

قول الحنفية

ذهب الحنفيّة إلى أنّ المبيت في منى هو سنة، واستدلوا على ذلك بأدلّة الجمهور نفسها مثل حديث ابن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- في استئذان العباس -رضي الله عنه- وكذلك حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وليس على من تركها أيّ شيء كونها سنة، والله أعلم.[4]

قول المالكية

يرى المالكية أنّ المبيت في منى ليالي أيام التشريق هو واجب، ودليلهم ما رواه عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- وحديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وبغيرها من الأحاديث التي تدل على وجوبه، ومن تركه عندهم جُلّ ليلة فأكثر فعليه دم، والله أعلم.[4]

قول الشافعية والحنابلة

ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنّ المبيت في منى ليالي أيام التشريق هو واجب من واجبات الحج، وهم بذلك يقولون ما قالته المالكيّة، ومن ترك المبيت في منى لليلة فعليه مُد، ومن ترك المبيت ليلتين عليه مُدّين، ومن تركه كاملًا فعليه دم، والله أعلم بالصواب.[4]

اقرأ أيضًا: ما هي شروط العمرة للرجال والنساء

ما الحكمة من المبيت في منى

إنّ الحكمة من المبيت في منى -كما يرى بعض العلماء- هو أنه عمل رمزي يمثل مقاومة الشيطان الذي يريد إيقاع الناس بالمعاصي، وذلك من خلال فعل مادي، وليس ذلك في وقته فحسب، وإنما في كل وقت؛ “لأنّ المحسوس يدل على المعقول”، وفي هذا الفعل أيضًا اقتداء بفعل إبراهيم وزوجته هاجر وابنه إسماعيل -عليهم السلام- حينما أُوحي إلى إبراهيم -عليه السلام- بذبح ولده، فكان كل منهم يرمي إبليس بالحصى لدفع وساوسه عنهم لكيلا يذبح إبراهيم ابنه عليهما السلام، ولتحقيق امتثال أمر الله -تعالى- دون تردد أو تثبيط عنه، والله أعلم.[5]

اقرأ أيضاً: هل يجوز عمل عمرة لشخص حي مريض

حكم من ترك المبيت بمنى ليلة واحدة

إنّ حكم ترك المبيت في منى ليلة واحدة يختلف بين المذاهب الأربعة، وتفصيل ذلك كما يأتي:

الحنفية

يرى الحنفية أنّ المبيت في مِنى ليالي التشريق سنّة وليس بواجب، وبالتالي فمن ترك المبيت في منى ليلة أو كل الليالي فلا شيء عليه لأنّ المبيت بمنى ليس واجبًا وليس ركنًا من أركان الحج تلزم الفدية لمن تركه، وأدلّة الحنفية على سنيّة المبيت بمنى هي نفسها أدلة الجمهور غير أنّ دلالتها عندهم تختلف، والله أعلم.[4]

اقرأ أيضًا: ما هي شروط العمرة للرجال والنساء

المالكية

يرى المالكية أنّ المبيت في منى في واجب من واجبات الحج، وهذا قولهم الذي يشتركون فيه مع الجمهور، ويرى المالكية أنّ من ترك جُلّ ليلة -فأكثر- فإنّ عليه الفداء وهو دم عندهم، ودليل المالكية -والجمهور- على وجوب المبيت في منى هي ما سبق من أحاديث وغيرها، والله أعلم.[4]

اقرأ أيضًا: من اول من اقام مناسك الحج وضحى

الشافعية والحنابلة

يرى فقهاء الشافعية والحنابلة أنّ المبيت في منى في واجب من واجبات الحج، مثلهم مثل المالكيّة، ويرى فقهاء هذين المذهبين أنّ ترك المبيت في منى ليلة واحدة يلزمه الفداء، وهو مقدار مُدّ فقط عن هذه الليلة، ولا يلزم الدم عندهم حتى يترك المبيت في منى ليالي أيام التشريق كلها، والله أعلم.[4]

متى يبدأ المبيت بمنى؟

يبدأ المبيت في منى من نهاية يوم العيد وهو يوم النحر العاشر من ذي الحجة، فحين تغرب الشمس يبدأ الليل، وعلى الحاج المبيت في منى ليالي أيام التشريق الثلاثة في حال أراد أن يتأخّر، وأمّا من تعجّل فلا شيء عليه ويمكنه أن يبقى فقط يومين لقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}،[6] والله أعلم.[7]

مقالات مقترحة

نرشح لكم أيضًا قراءة المقالات التالية:

وإلى هنا يكون قد تم مقال حكم المبيت بمنى ايام التشريق وهل هو ركن من أركان الحج؟ بعد معرفة الإجابة الدقيقة عن هذه المسألة، وبعد الوقوف على عدد من الموضوعات المتعلقة بموضوع المقال الرئيس.