جدول المحتويات
تعريف الاحسان لغة واصطلاحا ، وما هو الفرق بين الإحسان والإيمان في السنة النبوية الشريفة؟، فقد يعتقد البعض أن الإحسان هو مساعدة الفقراء والمحتاجين فقط، بل يشمل الإحسان عدة مفاهيم أخرى ذكرت في السنة النبوية الشريفة، وفي القرآن الكريم، وهذا ما سيتم الإجابة وتوضيحه خلال المقال.
تعريف الاحسان لغة واصطلاحا
تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة عن الاحسان كونه المرتبة الثالثة من مراتب الدين ويمكن تعريف الاحسان لغة واصطلاحا كما يلي:
أولًا: تعريف الإحسان في اللغة
تشتق كلمة الإحسان من لفظ حسن، وهو عكس الإساءة، وقد جاء الإحسان في حديث النبي حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)، والإحسان في الحديث السابق يعني الإخلاص في العبادة، والإخلاص في العمل.
ثانيًا: تعريف الإحسان اصطلاحًا
هو يعني عبادة الإنسان لله كأنه يراقبه وكأنه يرى ربه، مما يجعل الشخص المسلم إلى الإخلاص في العبادات بسبب اقتناعه بأن الله يراه، ويرى بعض العلماء أن الإحسان هو جميع العبادات وأعمال الخير التي يتقرب بها العبد من الله وتكون تلك العبادات ليست فرائض بل جميعها نوافل، فيرى العلماء أن الالتزام في تأدية النوافل يعتبر من الإحسان.
شاهد أيضًا: موضوع عن بر الوالدين
أنواع الإحسان
ينقسم الإحسان في الدين الإسلامي إلى 3 أنواع متصلة مع بعضها البعض، وهي:
عبادة الله
يتحقق الإحسان في عبادة الله عبادة صحيحة، مع الخوف من عقابه، والهرب إليه في الضعف، ويتحقق هذا النوع من الإحسان من خلال اجتناب المحرمات، والالتزام بأوامر الله قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ).
عبادة الله عن شوق
وهذا النوع يعتبر أعلى أنواع الإحسان، والإحسان هنا يقوم على عبادة الله عن شوق وتلهف، والشعور بالأنس في القرب من الله، وتقوم هذه العبادة على شرط معنوي وهو شعور بالعبد بالشوق لعبادة الله سبحانه وتعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبعةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تعالى في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: إمامٌ عدلٌ، وشابٌّ نشأَ في عبادةِ اللهِ، ورجلٌ قلبُهُ مُعَلَّقٌ في المساجدِ، ورجلانِ تحابَّا في اللهِ، اجتمعا عليهِ وتفرَّقا عليهِ، ورجلٌ دعَتْهُ امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ، فقال: إني أخافُ اللهَ، ورجلٌ تصدَّقَ بصدقةٍ ، فأخفاها حتى لا تعلمَ شمالُهُ ما تُنْفِقْ يمينُهُ، ورجلٌ ذَكَرَ اللهَ خاليًا ففاضتْ عيناهُ).
الإحسان من خلال القيام بحقوق الخلق
ويتمثل هذا النوع في عدة أمور مثل الإحسان إلى الوالدين، وتأدية صلة الرحم، وإكرام الضيف، والرفق بالحيوان، ومساعدة المحتاج وكلها تعتبر حقوق الخلق لا حقوق الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ اشتدَّ عليهِ العطَشُ فوجدَ بئرًا فنزلَ فيها فشرِبَ ثمَّ خرجَ فإذا كلبٌ يلهَثُ يأكلُ الثَّرَى منَ العطَشِ فقالَ الرَّجُلُ لقد بلغَ هذا الكلبَ منَ العطشِ مثلُ الَّذي كانَ بلغَ بِي فنزلَ البئرَ فملأ خفَّهُ ثم أمسَكهُ بفيهِ فسقى الكلبَ فشكرَ اللَّهُ لهُ فغفرَ لهُ قالوا يا رسولَ اللَّهِ وإنَّ لنا في البهائمِ أجرًا فقالَ في كلِّ ذاتِ كبِدٍ رطبةٍ أجرٌ).
شاهد أيضًا: فضل الصبر على البلاء والمصائب
فوائد الإحسان
يوجد للإحسان عدة فوائد ذكرت في السنة النبوية وهي تعود على الإنسان، ومن تلك الفوائد الآتي:
- الإحسان يؤدي إلى تماسك المجتمع وحمايته من الهلاك.
- الإحسان هو أحد مقاييس نجاح الإنسان في الحياة.
- الإحسان يجعل العبد في رعاية الله وأمنه.
- الإحسان يقرب العبد من ربه.
- الإحسان يجعل العبد محبوبًا عند الله وعند الخلق.
- المحسنين لهم أجرًا عظيم في الآخرة.
- المحسنين يحصدون خير الدنيا والآخرة.
- الإحسان يزيد من البركة في العمر، والصحة، والأهل، والمال.
- الإحسان يفك الكروب، ويزيل الهموم، ويطمئن النفوس.
- الإحسان يفتح طريق العلم والحكمة.
- الإحسان يساعد على التعاون في البر والتقوي.
- الإحسان يقي العبد المسلم من الوقوع في المعاصي، يقول ابن القيم: (فإن الإحسان إذا باشر القلب منعه عن المعاصي، فإن من عبد الله كأنه يراه، لم يكن كذلك إلا لاستيلاء ذكره ومحبته وخوفه ورجائه على قلبه، بحيث يصير كأنه يشاهده، وذلك سيحول بينه وبين إرادة المعصية، فضلًا عن مواقعتها، فإذا خرج من دائرة الإحسان، فاته صحبة رفقته الخاصة، وعيشهم الهنيء، ونعيمهم التام، فإن أراد الله به خيرا أقره في دائرة عموم المؤمنين)
- الإحسان يشرح الصدور، ويعطي الشعور بالراحة، يقول ابن القيم: (الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه والنفع بالبدن وأنواع الإحسان فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدرا وأطيبهم نفسا وأنعمهم قلبا والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق الناس صدرًا وأنكدهم عيشا وأعظمهم همًا وغمًا).
- الإحسان يطفئ داخل المسلم نار الحسد.
الإحسان في القرآن الكريم
جاء الإحسان في مواضع كثيرة في القرآن الكريم في أكثر من آية ومنها:
- قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) وقد فسر ابن كثير هذه الآية الكريمة قالًا: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون أي معهم بتأييده ونصره ومعونته وهديه وسعيه وهذه معية خاصة، ومعنى الذين اتقوا أي تركوا المحرمات، والذين هم محسنون أي فعلوا الطاعات، فهؤلاء الله يحفظهم ويكلؤها وينصرهم ويؤيدهم ويظفرهم على أعدائهم ومخالفيهم).
- قال الله تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ* الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ* وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ* إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
- قال تعالى: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).
- قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
- قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ).
- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
- قال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ).
الفرق بين الإحسان والصفات الأخرى
يتشابه الإحسان مع بعض الصفات في عدة أمور، ويختلف معها في أمور أخرى، ومن تلك الصفات:
- الفرق بين الإحسان والأنعام: إن الإحسان يكون للعبد نفسه ولغيره، أما الأنعام فهو يكون للغير فقط.
- الفرق بين الإحسان والإفضال: إن الإحسان هو المنفعة الحسنة، أما الفضل هو النفع الزائد عن المقدار الطبيعي.
- الفرق بين الإحسان والفضل: الإحسان من الممكن أن يكون واجب أو غير واجب، أما الفضل هو غير واجب فهو ما يتفضل به من غير سبب.
مقامات الإحسان
يوجد للإحسان عدة مقامات منهما مقامين جاء بهم الإمام ابن رجب وهما:
- مقام الإخلاص: وهو يعني اجتهاد العبد المؤمن في استحضار رؤية الله سبحانه وتعالى وهو الذي سيمنعه من الالتفات إلى أي عمل أخر، وقرب العبد من ربه، وبعده عن كل النواهي والمحرمات.
- مقام الشهادة: وهو عمل العبد المؤمن بمقتي أن الله يراه ويراقبه، وبمقتضى أن العبد يرى الله بقلبه، قال تعالى: (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ).
شاهد أيضًا: ما هي أسباب عقوق الوالدين وكيف نعالجها؟
وفي نهاية المقال فقد تم توضيح تعريف الاحسان لغة واصطلاحا في الدين الإسلامي، وأنواع الإحسان التي جاءت في السنة النبوية، وفوائد الإحسان للعبد والمجتمع، والإحسان في القرآن الكريم، بالإضافة إلى الفرق بين الإحسان والصفات الأخرى، ومعرفة مقامات الإحسان التي جاء بها الإمام ابن رجب في كتابه.