جدول المحتويات
الآيات الكريمة التي تحث على التأمل الذي أمرنا الله به من خلال التفكير في كل ما يحيط بنا، وكان عقل الإنسان وقدرته على التأمل هي تلك الميزة التي اختص بها الله البشر عن كافة المخلوقات، ويعد التأمل من العبادات القلبية التي تكون بين الإنسان وربه دون ظهورها للناس، كما يعرف التأمل بالعبادة الصامتة حيث أنها تنبع من باطن الإنسان.
عبادة التأمل
عند الحديث عن أهم الآيات الكريمة التي تحث على التأمل، تقتضي الضرورة مناقشة عبادة التأمل في خلق الله، فقد سن الله في شريعته مجموعة من العبادات التي تتنوع فيما بين العبادات اللفظية والظاهرية، والعبادات القلبية الباطنة، وتكمن أهمية تنوع العبادات في استمرار شغف الإنسان بعبادة الله، ولا يكل ولا يمل حال سيرها على وتيرة واحدة.
من أبرز تلك العبادات العبادة الصامتة والمعروفة باسم عبادة التأمل، والتي تعد من أهم العبادات القلبية التي لا يتم استخدام اليد واللسان بها ولكن تكون نابعة من القلب والعقل فقط.
يشير مفهوم التأمل في الشرع إلى إطلاق العنان للعقل ليتفكر ويتدبر في آيات خلق الله للكون، ويتم ذلك بالتفكير في مدى العظمة والجمال التي تتمتع بها سنن الكون، واعتبارها مصدر للعظة والعبرة وتعظيم الخالق القادر على تنظيم الكون بكل هذا الإبداع.
شاهد أيضاً: عبارات عن التفكر في خلق الله .. كلام جميل عن التفكر في خلق الله
مجالات عبادة التأمل
استكمالا للحديث عن الآيات الكريمة التي تحث على التأمل، لابد من التعرف على أهم المجالات التي من خلالها يتمكن الإنسان من الانتفاع بعبادة التأمل، ومن أهم تلك المجالات ما يلي:
- التأمل بالكون: والذي يحمل كافة مظاهر الجمال والإبداع وعظيم صنع الخالق، مثل التأمل في خلق البحار والجبال والأشجار، ومناظر الطبيعة الخلابة، والتدبر بكيفية تدفق مياه الأنهار والبحار، وتعاقب الليل والنهار، ومن خلال ذلك التأمل يدرك الإنسان أن ذلك الكون يخضع لنظام كوني شديد الدقة غير قابل للاختلاف أو التغيير.
- التأمل في آيات القرآن الكريم: التي تناولت كافة الأمور الشرعية بمنتهى الدقة، وبأسلوب لغوي فصيح، وصياغة عظيمة في التعريف بأهم القضايا العقائدية مثل التوحيد.
- التأمل في خلق الله للإنسان: الذي يدل على أسمى مظاهر الدقة في تصوير الله للإنسان في أحسن الصور، كما يشير إلى التكامل الحادث بين سائر أعضاء جسم الإنسان وأدائه للوظيفة المخصصة له بأعلى درجات الإتقان.
- التأمل في طباع البشر: التي تمثلت في كيفية التطبع ببعض الصفات مثل حب الشهرة، والخلود، والرغبة في التملك.
شاهد أيضاً: ابحث في كتاب الله عن الايات التي جاء فيها ذكر اللؤلؤ مع تقديم تفسير ميسر لها
ثمرات التأمل في خلق الله
في إطار الحديث عن الآيات الكريمة التي تحث على التأمل، لابد من الإشارة إلى أهم الثمرات النافعة التي تعود بالنفع على الإنسان عند القيام بعبادة التأمل، ومن أبرزها ما يلي:
- توريث الحكمة للإنسان، وغرس الشعور بتعظيم الله الخالق وخشيته، كما يساعد الإنسان على قياس عيوبه ومميزاته.
- يعمل التأمل على تقوية الإيمان بالله، وتقوية المعاني المتعلقة بتوحيد الله والتسليم له التي تنبع من مدى دقة ونظام ذلك الكون.
- يمهد التأمل آفاق جديدة للعلم والمعرفة تعود بالنفع الكبير على صاحبها.
- يعد التأمل أحد صور الخشوع لله والخضوع والاستسلام لإرادته.
- يعتبر التأمل إحدى الصفات التي يتحلى بها العلماء.
حال السلف الصالح مع عبادة التأمل
قام السلف الصالح بتقديم أروع الأمثلة التي تؤكد على حرصهم الشديد على القيام بعبادة التأمل في خلق الله سبحانه وتعالى، وقد تمت رواية عدة أقوال عنهم في ذلك الشأن من أهمها:
- قال أبو سليمان الداراني رحمه الله:«إنّي لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلّا رأيت لله عليّ فيه نعمة، ولي فيه عبرة».
- كان ابن عبّاس -رضي الله عنهما- يقول «إنّ تأمّل ساعة في خلق الله -عزّ وجلّ- وسننه في الكون والشرع خير من قيام ليلةٍ كاملةٍ». قال بِشر الحافي عن التأمل «إنّ الناس لو تفكّروا وتأملوا في عظمة الله -عزّ وجلّ- لم يعصوه.»
- كما كان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- يرى أنّ «التفكّر والتأمّل في خلق الله ونعمه على عباده أحد أفضل أنواع العبادات». بكى عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- مرةً فرآه أصحابه وسألوه عن سبب بكائه، فقال:«فكّرت في الدنيا ولذاتها وشهواتها فاعتبرت منها بها، ما تكاد شهواتها تنقضي حتى تكدرها مرارتُها، ولئن لم يكن فيها عبرةٌ لمن اعتبر إنّ فيها مواعظ لمن ادّكر».
شاهد أيضاً: كيف يتحقق للعبد حلاوة عبادة الله الظاهرة والباطنة مع التمثيل
الآيات الكريمة التي تحث على التأمل
هناك العديد من الآيات الكريمة التي تحث على التأمل والتدبر في خلق الله للكون، والتي ذكرها الله تعالى في عدة مواضع في كتابه العزيز، ومنها:
- في الآية 164 من سورة البقرة قال الله سبحانه وتعالى:«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ».
- وفي الآية 190 و 191 من سورة آل عمران قال الله سبحانه تعالى:«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ».
- في الآية 8 من سورة الروم قال الله سبحانه وتعالى:«أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم ۗ مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ».
- وقد ذكر الله في كتابه العزيز في الآية 17 من سورة الغاشية:«أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ».
- كما ذكر الله سبحانه وتعالى في الآية 185 من سورة الأعراف«أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ»
- وذكر الله أيضاً في الآية 6 من سورة ق قوله تعالى:«أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ».
- كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في الآية 21 من سورة الزمر:«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ».
- وفي الآية 21 من سورة الذاريات قال تعالى «وفي أنفسكم أفلا تبصرون».
- كما قال الله سبحانه وتعالى في الآية 53 من سورة فصلت «سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد».
- وفي الآية 11 من سورة لقمان قال الله سبحانه وتعالى «هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين».
- وفي الآيتين 20 و20 من سورة النحل قال الله تعالى في كتابه العزيز:«والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون * أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون».
شاهد أيضاً: هو عطاء الله على الأنسان في أمر محبوب من أمور الدين والدنيا تعريف خاص ب
على ذلك تم التعرف على أبرز الآيات الكريمة التي تحث على التأمل، ومفهوم عبادة التأمل وأهم المجالات التي يجب ممارسة عبادة التأمل بها، كما تم مناقشة الثمرات التي تعود بالنفع على الإنسان من التأمل وأحوال السلف الصالح مع عبادة التأمل، وأهم الأدلة القرآنية على عظمة التأمل في خلق الله.