جدول المحتويات
من هو الديوث ؟ وما هو حكم الديوث في الإسلام؟ حيث أصبح الأمر حديث الساعة مؤخرًا، الكلمة التي أصبحت سوط في أيدي الناس يتهمون بها بعضهم بعضًا بتفاخر، ظانين في أنفسهم الطهر والربوبية، محرمين الجنة على كل من يخالف معاييرهم التي ما أنزل الله بها من سلطان، وكأن لديهم مفاتيح الجنات العُلى، لذا وجب إزالة اللبس، وإزاحة كل الستائر التي تعتم نور الحقيقة، فمن خلال موقع مقالاتي سنعرفكم اليوم على من هو الديوث؟
من هو الديوث ؟
كان هناك قصة طريفة للكاتب الراحل أحمد خالد توفيق تدعى “ذلك الخنزير موران” تحكي القصة عن كاتب ذهب لقرية صغيرة وجد الناس بها يسبون شخصًا يدعى موران في كل حين وبرضى شديد، تعجب الرجل من الأمر وسأل عن هوية الرجل.
كان الجواب أن هذا الرجل هو عابر سبيل مر بالقرية منذ سنوات، ثم رأى حسناء بارعة الجمال فقبلها على خدها، فما كان من الفتاة إلا أنها ضربته وفضحته أمام أهل القرية، ومن ثم قام أهل البلدة بطرده شر طردةً بعد أن قاموا بضربه بقسوة.
ثم أصبح الرجل نموذج للانفلات الأخلاقي يسبونه كل حين لأن هذا يشعرهم بالرضى عن أنفسهم، وأنهم طاهرين طهر طفل وُلد للتو، العجيب أن الكاتب ذهب للفتاة وأعجب بها وأعجبت به فأقام علاقة معها ورحب بذلك، لكنها لا تكف من حين لآخر عن سب الحقير موران، أغلب أهل القرية يزنون ويسرقون ولكنهم أفضل من ذلك الحقير موران.
هذا هو مربط الفرس، ففي الآونة الأخيرة زاد الحديث عن هذا الوغد الديوث الذي لن يدخل الجنة أبدًا، نعم إن المتحدث قد يكون زاني أو سارق أو قاتل لكن باب التوبة مفتوح له، لكنه مغلق في وجه ذلك الوغد الديوث.
إذًا من هو الديوث؟ الديوث كلمة جاءت من الفعل (ﺩَﻳَّﺚَ) أي الذي الشيء اليسير اللين، وإن طبقنا معنى هذه الكلمة على الرجل فهو الشخص الذي يتساهل كثيرًا في الضوابط الشرعية لحد أن يرضى الفاحشة على أهله، ويُقال في ذلك أيضًا إنه الرجل الذي لا يغار على أهله.
شاهد أيضًا: من هو شاعر الرسول
الديوث في الدين الإسلامي
انتشرت هذه الكلمة تبعًا لإحدى الأحاديث في السنة النبوية وهو:
- “ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ ؛ العاقُّ لوالِدَيهِ ، والمرأةُ المترجِّلةُ ، والدَّيُّوثُ” صحيح النسائي.
استغل هذا الحديث العديد من الناس لإحكام الوصاية على النساء حتى في النفس الذي تتنفسه.
من هو الديوث تبعًا للحديث؟ إن المقصود بالحديث هنا هو عدم غيرة الرجل على أهل بيته، واستباحة الفواحش عليهم، وهو كل من فقد معاني النخوة والشهامة والرجولة، أي إنه مكافئ نوعًا للقواد، مثال: من رأى أن نساء محارمه تزني ولم يهتم بنصحها ديوث، بل قد يصل إلى أن يضحك ولا يبالي بالأمر.
أي أن الأمر يتعلق بالزنا في أغلبه، الذي هو كبيرة من الكبائر، لكن تم قصقصة الحديث من قِبل من يتبعون أهوائهم ليشمل كل ما تقوم به المرأة تقريبًا، حتى أصبح الأب يفكر إذا سمح لابنته بالذهاب إلى البقال ما إن كان الآخرين سيتهمونه بالدياثة لذلك أم لا.
جدير بالذكر إن التعامل مع العاصي يكون بالنصح والإرشاد وليس العنف، حيث قال الله -تعالى-: “لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (22)” سورة الغاشية، هذا بالإضافة إلى كافة الآيات القرآنية التي تقر بحرية كل مسلم في فعله، وعلى هذا الأساس هناك حساب وجنة ونار.
الله لم يمنح لأحد السوط ليعاقب به الآخر أو يجبره على شيء، فأساس الدين هو الحرية، وليس التحكم والتعنت والإجبار، وإلا كان الرسل أولى الناس بالسيطرة على الخلق، لذا فما يجب على الرجل الذي يرى من أهل بيته استهانة بأوامر الله ورسوله أن ينصحهن بالمعروف وبالحكمة والموعظة الحسنة وليس بالضرب والإهانة والتسلط، لأن الهدف هو تغيير السلوك وليس العقاب.
حوادث ناتجة عن سوء فهم معنى الدياثة
تم لي عنق الحديث لإحكام الخناق على النساء، وبخاصة في موضوع الرداء، الأمر الذي هو في حد ذاته نسبي بين المجتمعات، فما هو مسموح في مصر غير مسموح في السعودية مثلًا.
كما أصبح يتم استخدام الكلمة بداعي وبدون داعي، فقد تسير امرأة محتشمة في الشارع، فيرى ذكر أن لباسها -على الرغم من ستره واحتشامه- غير موافٍ لمعاييره الأخلاقية العالية، فيغتاب والدها أو زوجها بهتانًا بأنه ديوث، وقد يستحل حتى اغتصاب هذه المرأة كنوع من أنواع إنها تستحق ما يحدث لها!
ما نتج عن لي عنق الحديث هو منح سوط العقاب في يد أي ذكر جاهل، مما نتج عنه جرائم عدة وقمع، ففي إحدى الصفحات على مواقع التواصل، قام ذكر بسؤال شيخ إنه يضرب أخته لأنها لا ترتدي الحجاب على الرغم من أنها محتشمة، ولكنها لا تزال ترفض تحكمه الأرعن، فيقول للشيخ إنه يغار ويفكر حتى في قتلها.
فما كان من الشيخ إلا إنه نهاه عن الحديث بلطف شديد، وألقى اللوم على أخته بشدة بشكل يجعله يقرأ الرسالة فيذهب لقتل أخته على الفور! الأمر الذي يجعل دم المسلم مباح ويجعل شخص يرهب الآخر باسم الدين، فكل هذا مباح وأكثر عندما يتعلق الأمر بالمفهوم الخاطئ للدياثة عند تجار الدين.
في حالة أخرى على صفحة من صفحات الفيس بوك قام لاعب شهير بعرض صورته مع ابنته البالغة من العمر ثمانية أعوام، فما كان من بعض الذكور إلا استنكار الفعل بأن هكذا ديوث لا يغار على ابنته التي ترتدي جيب قصير مناسب لعمرها، وشبه أصبح هناك حملة تدعوه لفرض الحجاب على ابنته لسترها!
كل هذه الأعمال ترضي الشيطان لا الله، لذا فيجب علينا فهم الدين ككل، وإدراك جوهره واحترامه لكل إنسان، وإقراره بالحريات لكل مسلم بالغ وعاقل وقادر.
الغيرة على النساء
أصبحنا في القرن الـ 21 لكن البعض يعيش بيننا بعقليه وعادات وتقاليد أكثر من 10 قرون ماضية، والتي في أغلبها عادات من الجاهلية الأولى، فنجد إن الرجل يمنع المرأة من النزول إلى الشارع بحكم إن ذلك سيجعله ديوث! مستشهدًا بحديث عن الإمام علي رضي الله عنه وهو:
- “أمَا تَغارون أنْ يَخرُجَ نِساؤُكُم؟ [وفي روايةٍ: ألَا تَستَحْيون أوْ تَغارون]؛ فإنَّه بَلَغَني أنَّ نِساءَكُم يَخرُجْنَ في الأسواقِ يُزاحِمْنَ العُلوجَ” إسناده صحيح.
كما إنه في حديث ورد في السنة النبوية يقول:
- “الَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ: لو رَأَيْتُ رَجُلًا مع امْرَأَتي لَضَرَبْتُهُ بالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عنْه، فَبَلَغَ ذلكَ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، فَقالَ: أَتَعْجَبُونَ مِن غَيْرَةِ سَعْدٍ، فَوَاللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ منه، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي” صحيح مسلم.
إن العالم بأكمله قد تغير، فالمرأة أصبحت تشغل مناصب حساسة في الدولة، فكيف لها ألا تنزل إلى الأسواق أو تحدث الرجال الآخرين!
هذه ليست دعوة للتساهل أو إباحة ما حرم الله، فما يجب على المرأة إلا التعامل مع الرجال في حدود العمل، حتى لا يكون هذا اتباع لخطوات الشيطان، فالمرأة بطبيعتها تميل للرجل والعكس صحيح.
شاهد أيضًا: من هو وزير فرعون
قدمنا لكم بعض المعلومات عن من هو الديوث؟ للرد على الأفكار المسمومة التي يتم تلقينها لشباب الأمة في دعوة تجعل أي شخص قرأ القرآن ولو لمرة واحدة يتساءل عن أي دين يتبعون، الأمر الذي يجعلنا في حاجة ماسة لتجديد الخطاب الديني لوضع النقاط على الحروف.