جدول المحتويات
لماذا حدث الاختلاف الكثير في مفهوم كلمة الثقافة ؟ بين ذلك، نجد كل ما يعيشه الفرد في المجتمع المحيط به من معارف وعقائد وسلوكيات تنعكس على وجوده في العالم الخارجي بما يشمله من تفاعلات مع الأفكار والمواقف، وطرق التعبير المستخدمة، كل هذا جعل التغيرات موجودة حيث بدأت من خلال تراكم الثقافات ووصلت إلى تنويع وجودها، فاستطاع الإنسان أن يمتلك الحاضر ويشارك ما تعلمه في المستقبل.
لماذا حدث الاختلاف الكثير في مفهوم كلمة الثقافة؟ بين ذلك
الثقافة هي التركيب المتعدد من المعارف المتباينة من منطقة لآخرى صغيرة أو من أمة لأمة كبيرة تحكمها آليات وضوابط سلوكية تزيد من خبراتها وإدراكها لما حولها، من علوم تتأثر بها وتؤثر فيها بما تملكه من ثقافات وأشكالًا كبيرة جدًا من ألوان السلوك والقيم والاستكمال الحضاري، وذلك يتم عندما تصل الأجيال إلى قمة التواصل والتفاعل الاجتماعي.
نجد هذا التقارب واضحًا بفضل ما جاء في شعار “العالم قرية صغيرة” أي أنه اختلاف مضمون الاحتواء، ومضاف له كل المدركات والظروف والحاجات التي عاشها الجميع ونقلوها لمن بعدهم، فأصبح الامتداد الفكري لا يتوقف، وبالتالي يستطيع أي فرد أن يعرف أي ثقافة ويطلع عليها لكل سهولة، فجوهر الاختلاف هو ما يميزها من بلد لآخر، لذا يتساءل الكثير عن لماذا حدث الاختلاف الكثير في مفهوم كلمة الثقافة؟ بين ذلك.
شاهد أيضًا: أفضل الكتب للقراءة لزيادة الثقافة
أسباب الاختلاف الكبير في مفهوم الثقافة
لقد تعددت أشكال الاختلاف طوال الأعوام الماضية، وكان هذا نتاج بعض المسببات الرئيسية التي تعايش الإنسان معها مثل:
الاختلاف الجغرافي
إن البنية المتينة والقوية التي شكلها سكان الريف أو البدو تختلف تمامًا عما ظهر عليه الحضر، بسبب المناخ القاسي إلى حدًا ما عن مناخ الحضر، والعمل بالأرض الزراعية، وهذا دفع لوجود اختلاف كبير بين ثقافة السكان في الريف وثقافة السكان في الحضر.
الاختلاف السلوكي
فقد كانوا يتسمون بالشجاعة والقوة الكبيرة، بينما كانت الوظائف والاستعمال الشديد للتقاليد الرسمية في مجتمعات المدنية حاجزًا عامًا في التعارف اللغوي والشكلي، وسكان هذه المناطق يتسمون بالمرونة والانفتاح وبالانغلاق الذاتي على شؤونهم وخصوصياتهم.
الاختلاف الاقتصادي
برز من خلال تغير الشكل الكلي لمصادر الدخل الخاصة بالمجتمعات الريفية عن المجتمعات الحضارية، حيث كان السكان في الريف يعتمدون على الزراعة كمصدر دخل أساسي لهم، بينما السكان في الحضر كانوا يعتمدون على التجارة والصناعة كمصدر دخل لهم.
الاختلاف الوظيفي
البدو كانوا يمارسون المهن الشاقة والحضر يمارسون المهن الصناعية بصورة أكبر، كل هذا الأمر جعل هناك تفاوتًا ظاهرًا في أشكال القوى المهيمنة على العالم، بعد الانفتاح الاقتصادي التي مارسته الدول الأوربية فظهر التباين الثقافي بشكل واسع.
الاختلاف التاريخي
وهو مجموع العادات والتقاليد والأحداث التي عاشت فيها الشعوب وتم نقلها، وربما يرجع النصيب الأكبر في ذلك إلى العرب، فقد تبنوا قديمًا إطلاق المعارف والعلوم في كل العالم واختلف الأمر ثقافيًا عندما اشتعلت الصراعات واقتسام الثروات من الغرب.
فقد أخذ ذلك من المجهود الحضاري لهم، وقد توقفوا عن التأثير في العالم خصوصًا في الخبرات الثقافية، ولذلك ظهرت شعوبًا أخرى تتسابق بفضل التكنولوجيا والعلوم الرقمية، وقد تخطت إنجازاتها مساحات كبيرة في التنوع الثقافي الذي نشروه في كل العالم.
العامل الديني
لو تخصصنا بالحديث عن علاقة الإسلام بإبراز القيم والثقافات الدينية سنجد أنه ما من حكومة ولا ثقافة إلى اليوم وصلت إلى كم العلاقات والمعاملات والحقوق المرهونة بالواجبات كما فعل الإسلام من خلال القرآن الكريم، وكل هذا الأمر قد أثر على الجانب المعرفي والقانوني لدى الشعوب الغربية، وعلى سبيل المثال الدستور الفرنسي 90% من قواعده جاءت من الأحكام القرآنية فهذا هو الاختلاف الثقافي الإيجابي الذي ننشده.
وعلى عكس ذلك جاءت بعض الثقافات الدينية التي تعلقت بالمصالح الخاصة للدول كما حدث في الرأسمالية أو الاشتراكية المختلطة، ولكن عندما حرصت بعض الشعوب على العمل وتدعيم قيمه صارت الآن نماذج يقتدى بها الشعب الأمريكي والصيني، وهذا من العلامات المميزة لتفاوت براهين الثقافة.
الاختلاف الديموغرافي
ما بين الانخفاض والارتفاع في الأعداد السكانية برز الاختلاف الثقافي بين المجتمعات، لأن هناك بعض التجمعات البشرية قد تلاشى ظهورها وقيمها بالوقت مثل القبائل القديمة، وهناك بعضها تكاثر وجودها فتقبل التأثيرات الثقافية وهى ما يبقي بعض الشعوب موجودة بذاتها كالحضارة المصرية القديمة.
الاختلاف التكنولوجي
هو المرهون بما نعيشه اليوم من تطورات أفادت مع وجود العلم القائم حدوث التغيير وإيصال بعض الأمم إلى مكانة قوية وعلاج بعض الأمراض التي أصبحت آفة في دول العالم النامي من بطالة وتلوث، ورغم أن المجتمعات المتقدمة هي من اخترعت الآلة لكنها لم تلغي دور الإنسان، ولهذا ظلت تدعم قيمها عن العمل، فوصلت للنجاح الذي ميزها اليوم رغم ما تملك من أحدث وأغلى الاختراعات وهذا هو الاختلاف النموذجي للثقافة التي نرغب بها.
اختلاف مفهوم الثقافة بين علماء الأنثروبولوجيا
التنوعات الفكرية من الأمور الرائجة بين العلماء وخصوصًا حول الثقافة، كمفهوم الأنثروبولوجي وظهر الأمر من خلال بعض آرائهم المختلفة على النحو التالي:
- إدوارد تايلور: أشار إليها بأنها “ذلك الكل المركَّب المعقَّد الذي يشمل المعتقدات والمعلومات والفن والأخلاق والعرف والتقاليد والعادات وجميع القدرات الأخرى التي يستطيع الإنسان أن يكتسبها بوصفه عضواً في مجتمع”.
- رالف لنتون: أشار إليها بأنها “هي ذلك المجموع من خلال التوجيه أو المحاكاة الذي يشتركون فيه”.
- العالم ويسلر: أشار إليها بأنها “الثقافة كل الأنشطة الاجتماعية في أوسع معانيها، مثل اللغة والزواج ونسق الملكية والإتيكيت والفن، هي أسلوب حياة تتبعه الجماعة أو القبيلة تتضمن مجموعة المعتقدات”.
- روث بندكت: أشار إليها بأنها “ذلك الكل المركَّب الذي يشمل العادات التي يكتسبها الإنسان كعضو في مجتمع”.
- بواز: أشار إليها بأنها “ذلك الكل المركَّب الذي يشمل العادات الاجتماعية في جماعة ما وكل ردود أفعال الفرد المتأثرة بعادات المجموعة التي يعيش فيها وكل منتجات الأنشطة الإنسانية التي تتحدد بتلك العادات”.
- بوقاردس: أشار إليها بأنها “الثقافة هي المجموع الكلي لأساليب الفعل والتفكير لجماعة اجتماعية وهي تمثل مجموع التقاليد والمعتقدات والإجراءات المتوارثة”.
- لووي: أشار إليها بأنها “ذلك المجموع الكلي لما يكتسبه الفرد من مجتمعه تلك المعتقدات والأعراف والمعايير الجمالية وعادات الطعام والحرف التي لم يُعَرِّفها الفرد نتيجة نشاطه الابتكاري بل عرفها كتراث الماضي ينتقل إليه بواسطة التعلُّم الرسمي وغير الرسمي”.
- مالينوفسكي: أشار إليها بأنها “الثقافة هي ذلك الكل المتكامل الذي يتكوَّن من الخصائص البنائية لمختلف المجموعات الاجتماعية من الأفكار الإنسانية والمعتقدات والأعراف والحرف والأدوات”.
- هير سكوفيتس: أشار إليها بأنها “الثقافة هي طريقة حياة الناس في مجتمع معيَّن”.
- بانزيو: أشار إليها بأنها “ذلك المجموع الكلي لذلك النسق الكلي من المفاهيم والاستعمالات والتنظيمات والمهارات والأدوات التي تتعامل بها البشرية مع البيئة لإشباع حاجاتها”.
- كروبير: أشار إليها بأنها “الثقافة هي مجموع ما أنتجه البشر في اجتماعهم. كما أنها قوة هائلة تؤثر في البشرية جمعاء أفراداً وجماعات على المستوى الفردي والاجتماعي”.
العلاقة بين الاختلاف الثقافي(التنوع) والهوية الثقافية
إن العلاقة القائمة ما بين التنوع والهوية مكملة لبعضها البعض فلكل ثقافة حدودًا خاصة بها ولا وجود لها إلا بسلوك وخبرات الشعب الممثل عنها، فهي تشبه الدائرة التي لا تكتمل إلا بوجود عملية الرصد الثقافي، والمثال الأكبر في ذلك هو الهوية الإسلامية، فقد جمعت مختلف الثقافات تحت شعارها المستقبل، وعلى ذلك تعتبر الثقافة عاملًا مكملًا للهوية في كل صورها.
ختاما فالإجابة على تساؤل لماذا حدث الاختلاف الكثير في مفهوم كلمة الثقافة ؟ بين ذلك، هو القول الصريح بأن العملية الثقافية ليست مجرد تجميع معلومات وليست فكرة خاصة بمجتمع عن آخر، فالإنسان المثقف هو جزء من المعارف والإدراكات والوعي الذي يحصل عليه لأنه الوحيد القادر على الإضافة له والتعبير عنه حضاريًا.