جدول المحتويات
ما هي قصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة ففرج الله عنهم ؟ يعج التاريخ الإسلامي بالعديد من القصص الملهمة ذات الإعجاز الإلهي، والتي تؤكد أن ليس للإنسان مخرج من أي مأزق أو مصيبة سوى باللجوء لله سبحانه وتعالى فهو منقذنا الأوحد الذي يحيطنا برعايته وحمايته، فلابد من التقرب إلى الله بالعمل الصالح.
ما هي قصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة ففرج الله عنهم
الدعاء يغير الأقدار والمصائر، وتُعد قصة أصحاب الغار الثلاثة الذين أنقذهم الله من المحنة بفضل دعائهم والتضرع والتوسل إليه خير دليل على أن الأعمال الصالحة تنقذ صاحبها من المهالك، حيث يحكى أنه في سالف العصر والزمان كان هناك ثلاثة رجال يترجلون في الصحراء لقضاء جوائحهم، وإذ فجأةً يشتد عليهم المطر فلا يجدون ملجأ لهم يحميهم من غزارة هطول المطر سوى غار فيتخذونه مأوى لهم ويهرولون بالدخول إليه، وإذ فجأة تنحدر صخرة ضخمة من فوق التلال لتغلق عليهم منفذ الغار، ويحاول الرجالة الثلاثة بكل قواهم تحريك الصخرة في محاولة منهم للخروج من الغار، ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل والإحباط، فتنتابهم حالة من اليأس الشديد في أن يتوصل إليهم أحد لينقذهم، ويزداد الذعر والخوف بداخلهم، وإذ فجأة يلهم الله أحد الرجال الثلاثة بفكرة إلهية تنقذهم من هذا المأزق، حيث تتبادر في عقله فكرة الدعاء إلى الله وذكر بعض أعمالهم الصالحة على أمل أن يستجيب الله لهم ويزيل الصخرة ويفتح لهم الغار، فبدأ الرجال الثلاثة بالتضرع والتوسل إلى الله عز وجل بالأدعية المختلفة وذكر بعض من محاسن أعمالهم حتى يخرجهم الله من مأزقهم هذا.
شاهد أيضًا: قصة المولد النبوي الشريف مكتوبة
حديث نبوي عن أصحاب الغار
يؤكد الحديث النبوي الشريف الذي روى تلك القصة مشروعية ذكر الأعمال الصالحة أثناء الدعاء والتوسل إلى الله لفك الكُرب، كما أنه مصدًرا استدلاليًا لدى السلفيين، حيث ذُكر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأرضاهما، في صحيح البخاري وصحيح مسلم، عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنه قال (بينما ثلاثة من الرجال يمشون، فأخذهم المطر، فأووا إلى غار داخل الجبل، فانحطت على فتحة غارهم صخرة من الجبل، فانطبقت عليهم، فقال أحدهم اذكروا أعمالًا صالحة عملتوها لله، فادعوه بها لعله يفرج عنكم)، صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
ماذا كان عمل الرجل الأول من أصحاب الغار
بدأ الرجل الأول في التضرع إلى الله بالدعاء والتوسل إليه بذكر بر والديه وإحسان معاملتهما، حيث روى أنه كان يقوم برعاية الأغنام طوال اليوم وفي آخر اليوم يحلب الغنم ليطعم منه والديه قبل أطفاله الصغار وزوجته، ويستكمل أنه في أحد الأيام انغمس في عمله وتأخر على والديه، وإذا به يأتي مُسرعًا جالبًا لهم الحليب ليطعمهما، فوجدهما قد ناما فحزن حزنًا شديدًا، وخشى أن يوقظهما وقرر أن يظل ساهرًا بجانب والديه حتى يستيقظا من نومهما، ورفض إطعام أبنائه الصغار من اللبن رغم ازدياد حدة الجوع عليهم وصراخهم طوال الليل، وظل على هذا الحال بجوار والديه حتى استيقظًا فجرًا، ويقول يا الله إني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرج عنا كربنتا.
شاهد أيضًا: قصة أحمق من جهيزة كاملة
ماذا كان عمل الرجل الثاني من أصحاب الغار
بدأ الرجل الثاني توسله إلى ربه بذكر بعض من محاسن أعماله لتكون شفيعًا له في تلك المحنة، حيث روى أنه يخشى الله من ارتكاب المعاصي والفواحش رغم قدرته على ذلك، وحكى أنه كان مغرمًا بابنة عمه وكان يراودها دائمًا عن نفسها، ولكنها كانت ترفض، وفي أحد الأيام وقعت تلك الفتاة في ضائقة وطلبت منه بعض المال، وساومها على القبول بارتكاب الفاحشة مقابل إعطائها النقود، فاضطرت للقبول لكي تسد ضائقتها، وعندما اقترب من الفتاة ذكرته بربه ومن عقاب هذه الفاحشة، فخاف من ارتكاب المعصية وابتعد عنها على الفور، وأعطاها المال لتفك كربتها، ويقول في ختام دعائه ربي إني قد فعلت ذلك ابتغاء لمرضاة وجهك الكريم ففرج عني برحمتك.
ما هو عمل الرجل الثالث من أصحاب الغار
روي الرجل الثالث أنه عادلًا حريصًا على أداء الأمانة وحفظ الحقوق واستردادها إلى أصحابها، حيث أنه في أحد الأيام احتاج أجير ليساعده في العمل، وكان أجر هذا العامل حفنة من الأرز، وبعد الانتهاء من العمل رفض الأجير أخذ حقه، وبعد مرور الأيام عاد الأجير مطالبًا بحقه، وكان الرجل قد أغناه الله بالمال الوفير وظل محافظًا على حق الأجير وأعطاه أكثر من نصيبه.
حدثت المعجزة الإلهية التي أنقذت أصحاب الغار من محنتهم هذه، حيث أنه أثناء انغماس كل منهم في الدعاء والتضرع إلى الله كانت الصخرة العملاقة تتشق حتى انفجرت تمامًا، وخرج الرجال الثلاثة فرحين باستجابة الله لدعائهم وإنقاذهم، ويخلص هذا في النهاية إلى أن الله سبحانه تعالى لا يترك عبدًا قد لجأ إليه فالله خير عون ومنقذ دائمًا كما أن الأعمال الصالحة بمثابة رصيد محفوظ للعبد لانتشاله أثناء المحن.
شاهد أيضًا: معجزات الانبياء وقصص عن معجزات الانبياء من القران والسنة
العبرة من قصة أصحاب الغار
قصة أصحاب الغار مليئة بالعديد من المواعظ والدروس المستفادة والتي تتمثل في الآتي:
- الدعاء يرد القضاء وينقذ من البلاء والشدة.
- مشروعية مناجاة الله بالعمل الصالح أثناء الدعاء، والدليل على ذلك توسل الرجال الثلاثة إلى الله بمحاسن أعمالهم.
- الفضيلة الكبرى لإحسان الوالدين وبرهم.
- أفضال حفظ الأمانة والعدل واسترداد الحقوق لأصحابها.
- الفضل العظيم للعفة وتقوى الله في الخلوات بالبُعد عن ارتكاب الفواحش والمعاصي.
- إخلاص النية في الأعمال الصالحة لوجه الله بعيدًا عن النفاق والرياء، سببًا في النجاة وتفريج الكُربات، حيث كان يقول أصحاب الغار في نهاية دعائهم، يا رب إني فعلت ذلك ابتغاءًا لنور وجه الكريم، فافرج عنا كربتنا.
- التقرب إلى الله في الرخاء والنعيم، حتى ينجي عباده في الشدائد كما فعل هؤلاء الثلاثة، فقد تقربوا إلى الله في أوج نعيمه، وعندما وقعوا في بلاء أنقذهم الله ونجاهم بفضل الدعاء والعمل الصالح.
ما فضيلة الصبر على الابتلاء
الصبر من الصفات الهامة التي يجب أن يتحلى بها كل مسلم وعلى قدر صبره يؤجر، ويبتلي الله عبده حتى يعود إليه ويتقرب له، كما أن البلاء دليل قوي على حب الله عز وجل لعباده، حيث قال النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)( إذا احب الله قوم ابتلاهم فمن صبر فله صبره ومن جزع فله جزعه)، وقال عليه أفضل الصلوات في حديث أخر،( من يريد الله به خير يصيب منه).
البلاء يرفع من مكانة الإنسان إذ يبلغه منزلة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى، ويأتي ذلك في حديث شريف، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن للرجل منزلة عند الله فما يبلغها بالعمل، فلا يزال يبتليه الله بما يكره، حتى يبلغ إياها) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا تم معرفة ما هي قصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة ففرج الله عنهم ، وتم التعرف على الأعمال الصالحة لأصحاب الغار والتي ساعدتهم في النجاة وقت الشدة، وتمت الاستعانة ببعض الأحاديث النبوية التي تبرهن فضيلة العمل الصالح في النجاة من الكربات والمِحن، وكذلك تم التعرف على أهمية الصبر وقت الابتلاءات.