فضائل شهر رجب عند اهل السنة

فضائل شهر رجب عند اهل السنة هو موضوع هذا المقال، وشهر رجب هو سابع الأشهر الهجرية، ويليه في الترتيب شعبان ثم رمضان، وهو من الأشهر الحرم التي حرّم الله فيها القتال على المسلمين، وإنَّ فضائل شهر رجب وفضل الصيام فيه هي من الأمور التي تختلف فيها الأقوال وتتعدد، وفي هذا المقال سنوضّح فضل شهر رجب، وصحّة الأقوال الواردة في فضل شهر رجب وفضل الصيام فيه.

شهر رجب

هو سابع الأشهر الهجرية في الترتيب، وهو أحد الأشهر الحرم الأربعة وهم رجب، ذو القعدة، ذو الحجة، محرم، حرّم الله تعالى على المسلمين القتال في شهر رجب، وقد ورد ذلك في قوله تعالى: “إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ“[1]، وسمي رجب بهذا الاسم وهو من الترجيب أي الترهيب والتعظيم، فهو من الأشهر العظيمة عند العرب، وقد اطلقوا عليه أيضًا اسم رجب الأصم بسبب انعدام صوت الأسلحة والسيوف فيه، أمّا عن صيام شهر رجب واستحباب الصيام فيه فلم يرد أي نص شرعي يدل على ذلك، والله أعلم.[2]

فضائل شهر رجب عند اهل السنة

إنَّ التفاضل من الأمور التي أوجدها الله في الحياة، ففضل يومًا على يوم، وشهرًا على آخر، وجعل شهر رمضان المبارك خير الشهور، ويوم الجمعة أفضل الأيام، وعن فضل شهر رجب فقد فضلّه الله تعالى عن باقي الأشهر وجعله من الأشهر الحرم التي حرّم فيها القتال والظلم، فإنَّ الظلم من أشد الذنوب بشكل عام، وهو أشدَّ وأعظم في رجب والأشهر الحرم، وقد بيّن الرسول-صلّى الله عليه وسلّم-في حديثه الشريف الأشهر الحرم حين قال: “الزَّمانُ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ، الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ”[3].

أما عن البدع التي وردت عن فضل شهر رجب وفضل الصيام فيه فإنَّ أغلبها يستند إلى أحاديث موضوعة وضعيفة، وإنَّ كلّ بدعة ضلالة، كما ورد عن العرب في أيام الجاهلية الذبح في شهر رجب، فكانوا يذبحون ذبيحة ويسمونها العتيرة، وقد أبطل الإسلام هذه العادة وأنكرها، ومن العادات الباطلة والبدع التي انتشرت في شهر رجب هي صلاة الرغائب، وقد قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله فيها : “وأما صلاة الرغائب: فلا أصل لها ، بل هي محدثة ، فلا تستحب ، لا جماعة ولا فرادى؛ فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن تخص ليلة الجمعة بقيام أو يوم الجمعة بصيام“، والله ورسوله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: دعاء استقبال شهر رمضان مكتوب وأهمية الدعاء في شهر رمضان

الصيام في شهر رجب

يعتقد بعض الناس أنَّ في شهر رجب من الأشهر التي يستحب الصيام فيها، وهو ما أنكره أغلب أهل العلم، وأما عن فضل الصيام فيه فهو ما ورد عن الرسول-صلّى الله عليه وسلّم- في فضل صيام الأشهر الحرم بشكل عام، وقد ورد ذلك في حديث إسناده ضعيف وهو: “صُمْ شهرَ الصبرِ رمضانَ، صمْ شهرَ الصبرِ وثلاثةَ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، صمْ من الحرُمُ ِواتركْ، صمْ منَ الحُرُمِ واتركْ، صمْ منَ الحُرُمِ واتركْ“[5]، أمّا تخصيص صيام شهر رجب بحد ذاته فهو غير وارد وغير مستحب، وفيما يلي أقوال بعض أهل العلم في صيام شهر رجب:[6]

• قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله في صيام رجب: “وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة ، بل موضوعة ، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها ، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل ، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات”.
• قال ابن القيم رحمه الله: “كل حديث في ذكر صيام رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى”.
• وعندما سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن صيام السابع والعشرين من رجب قال: “صيام اليوم السابع العشرين من رجب وقيام ليلته وتخصيص ذلك بدعة، وكل بدعة ضلالة”.
• كما قال الشيخ سيد سابق رحمه الله في صيام رجب: “وصيام رجب ليس له فضل زائد على غيره من الشهور،  إلّا أنّه من الأشهر الحرم، ولم يرد في السنة الصحيحة أنّ للصيام فضيلة بخصوصه،  وأنّ ما جاء في ذلك مما لا ينتهض للاحتجاج به”.

وهذه الأقوال تبيّن أنَّ الصيام في شهر رجب هو من الأمور التي لم ترد في سنّة رسول الله-صلّى الله عليه وسلّم- ولا في القرآن الكريم، كما إنَّ تخصيصه للصيام هو من البدع المفتعلة، والله أعلم.

شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم ؟

وفي هذا نكون قد وضّحنا فضائل شهر رجب عند اهل السنة، وبيّنا مكانة شهر رجب بين الأشهر، ووضّحنا حكم الصيام في شهر رجب ومدى صحة الأقوال حول فضل الصيام فيه.