هل ترفع اعمال المتخاصمين يوم عرفة

هل ترفع اعمال المتخاصمين يوم عرفة هو الموضوع الّذي سنتحدّث عنه في هذا المقال، حيث أنّ يوم عرفة من الأيّام العظيمة الّتي خصّها الله -سبحانه وتعالى- بالفضل العظيم والخير الكبير، والمسلم لا بدّ له من تحرّي هذا الفضل، فينال به الأجر العظيم والخير الكبير من الله تبارك وتعالى، وفي موقع مقالاتي سنجد الإجابة للسّؤال المطروح هل أعمال المتخاصمين تُرفع إلى الله -تبارك وتعالى- في يوم عرفة الفضيل؟

هل ترفع اعمال المتخاصمين يوم عرفة

لم يجد أهل العلم أيّ دليلٍ شرعيٍّ في القرآن الكريم أو السنّة النّبويّة المباركة يفيد بأنّ أعمال المتخاصمين لا تُرفع إلى الله تعالى في يوم عرفة، وإنّ ما يتمّ تداوله بين النّاس بهذا الشّأن ليس بحديثٍ ولا أصل له في السّنّة المباركة إطلاقًا، لكنّ الإسلام الحنيف قد حثّ المسلمين على التّسامح والابتعاد عن الشّحناء والبغضاء والكره بين بعضهم البعض، لما لهذه الأمور من آثار عظيمة على المجتمع الإسلاميّ، وإنّ السّنّة النّبويّة المباركة قد ذكرت أنّ الأعمال تُرفع في يوميّ الاثنين والخميس، والله -سبحانه وتعالى- يغفر لكلّ امرئٍ غير مشركٍ ولا كافر، ولكنّه لا يغفر للمتخاصمين حتّى يصطلحوا، وذلك لحكمةٍ بالغةٍ وعظيمةٍ عد -سبحانه- وتعالى، لذا لا بدّ للمسلمين تصفية القلوب واللين في المعاملة، ولا بدّ لهم من العفو المسامحة عند المقدرة، لينالوا مغفرةً من ربّهم، ورضوانًا سواءً في يوم عرفة أو غيره من الأيّام، والله أعلم.[1]

اقرأ أيضًا: صحة حديث يوم عرفة ترفع جميع الأعمال إلى الله ما عدا المتخاصمين

حديث يوم عرفة ترفع جميع الأعمال إلى الله ما عدا المتخاصمين

انتشر بين المسلمين عدّة أحاديث مزعومةً عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ومنها الحديث الّذي يقول: “يوم عرفة تُرفع جميع الأعمال إلى الله ما عدَا المتخاصمين” وقد قال أهل العلم فيه أنّ ليس بحديثٍ ولا أصل له أو وجودٌ في الأحاديث النبويّة الموجودة في كتب السّنّة إطلاقًا، كما لا يجوز للمسلم نشره بين النّاس وتداوله، ولا يجوز له العمل به إطلاقًا، وذلك لأنّه كذبٌ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذلك تحريفٌ وتزويرٌ يؤدّي بفاعله إلى نار جهنّم وبئس المصير، والله أعلم.[2]

اقرأ أيضًا: هل دعاء يوم عرفة مستجاب

متى ترفع الأعمال إلى الله تعالى

قد جعل الله -تبارك وتعالى- لرفع الأعمال مواقيت وأزمنةً محدّدة، كذلك جعل لرفع الأعمال أنواعاً، وفي الآتي سيتمّ عرض كلّ نوعٍ من أنواع رفع الأعمال مع وقت حدوثه:[3]

• رفع الأعمال يوميًّا: حيث ترفع الملائكة أعمال النّهار قبل حلول الليل، وترفع أعمال الليل قبل حلول النّهار.
• رفع الأعمال أسبوعيًّا: وتكون في يوميّ الاثنين والخميس من كلّ أسبوعٍ، فيغفر الله تعالى لعباده المؤمنين.
• رفع الأعمال سنويًّا: وذلك يتمّ في شهر شعبان الفضيل، ولم يتمّ تعيين يومٍ معينٍ من الشّهر والله أعلم بذلك اليوم.
• رفع الأعمال في الخاتمة: ويتمّ رفعها عند انقضاء الأجل وارتقاء الرّوح من الجسد إلى خالقها وبارئها، أي عند الموت، فيكون هذا الرّفع الأخير لأعمال العبد، وتُطوى صفحته إلى يوم القيامة.

اقرأ أيضًا: خطبة عن فضل عشر ذي الحجة ويوم عرفة

هل ترفع أعمال المتخاصمين ابن باز

قال الشّيخ ابن باز -رحمه الله- تعالى: يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يَومِ خَمِيسٍ واثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ- في ذلكَ اليَومِ، لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، إلَّا امرأ كانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ، فيُقالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا، ارْكُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا”.[4] فهذا الحديث صحيحٌ ولا شكّ فيه إطلاقًا، فالمتخاصمون لا يغفر الله تعالى لهم، حتّى يصطلحوا ويتسامحوا فيما بينهم، فأعمالهم تُرفع إلى الله تعالى، لكنّه -سبحانه- لا يغفر لهم حتّى تزول المشاحنة فيما بينهم، والله أعلم.[5]

اقرأ أيضًا: فضائل صيام يوم عرفة وأفضل الأدعية التي تقال في يوم عرفة

هل يقبل صيام المتخاصمين يوم عرفة

لم يرد في القرآن الكريم أو السّنّة النّبويّة الشّريفة ما يدلّ على عدم قبول صيام المتخاصمين، لأنّ الصّيام عبادة، وقبول العبادة بيد الله -سبحانه وتعالى- إن شاء قبلها وإن شاء ردّها، لكن ينبغي التّنبيه على أنّ الخصام يُنقص من أجر وثواب العبادة، لذا على المسلم الحذر، بل وعليه أن يحاسب نفسه دائمًا، وأن يبتعد عن المشاحنة والخصام بقدر ما يستطيع، لينال ثواب عباداته وطاعاته كاملًا بإذن الله تعالى.

بهذا نختتم مقال هل ترفع اعمال المتخاصمين يوم عرفة حيث ذكرنا الإجابة الكافية لهذا السّؤال، إلى جانب الحديث عن رفع الأعمال ومواقيته، والإجابة عن سؤال قبول صيام المتخاصمين يوم عرفة وصحّة حديث عدم رفع أعمال المتخاصمين يوم عرفة.