هل يجوز التدخين وانت محرم

هل يجوز التدخين وانت محرم هو سؤال يراود كثيرًا من المدخنين الذين ينوون التوجه إلى الأرض الحرام لأداء فريضة الحج أو العمرة فيُحرمون لذلك، وفي هذا المقال يقف موقع مقالاتي لبيان حكم التدخين حال التلبس بالإحرام سواء في الحج أم في العمرة، إضافة للوقوف على أحكام مختلفة للتدخين تختلف باختلاف المكان المسؤول عنه، كذلك يقف المقال مع بيان حكم التدخين عمومًا بالتفصيل.

هل يجوز التدخين وانت محرم

إنّ التدخين في حال الإحرام هو أمر يحتاج إلى تفصيل؛ فالتدخين حال الإحرام لا يفسد الإحرام ولا يبطله، ولكنّه يُنقص من الأجر والثواب، غير أنّ التدخين في حد ذاته أمرٌ مُشكل؛ فللعلماء فيه أقوال، وكثير منهم يجعلونه محرّمًا لما يُلحقه من أضرار في الجسم، فينهون عنه في الإحرام وفي غيره، والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: هل مزيل العرق يبطل الاحرام

حكم التدخين للمحرم في العمرة

إنّ التدخين في العمرة لا يبطل العمرة ولا يفسدها كما قال العلماء، ولكنّه يُنقص من أجرها وثوابها، وأمّا التدخين في حدّ ذاته فنهى أكثر العلماء عنه ومنهم من حرَّمَه؛ وذلك لما يتركه في الجسم من مضار كبيرة، ولذلك فينبغي للمسلم ترك التدخين والابتعاد عنه، والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز قص الاظافر قبل العمره

حكم التدخين في الحرم المكي

سئل بعض العلماء عن حكم التدخين في غرفة تابعة للمسجد فأجاب أنّ التدخين مُحرَّمٌ كما يرى هو، وتحريمه في المسجد أشدّ من تحريمه خارج المسجد لخبثه وما فيه من أضرار تلحق الرجل نفسه والمصلين في المسجد؛ إذ إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد منع الذي يأكل البصل والثوم من الاقتراب من المسجد لرائحتهما الكريهة وهما من الطعام المُباح، فكيف بالتدخين في المسجد، ومن هنا يمكن القول إنّ التدخين في المسجد الحرام يكون وزره أشدّ بكثير ممن يدخن خارجه، والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز لبس الساعة في العمرة

حكم التدخين بالتفصيل

لقد دخل التبغ إلى البلاد الإسلامية في العاشر الهجري، نحو القرن السادس عشر الميلادي أثناء حكم الخلافة العثمانية، وقد اختلف العلماء في حكم التدخين على ثلاثة أقوال تفصيلها كما يأتي:

القائلون بتحريمه وأدلتهم

حرّم التدخين عدد كبير من علماء المذاهب الأربعة في ذلك الوقت، ومنهم:[3]

• من الحنفية: الشَّيْخُ الشُّرُنْبُلاَلِيُّ، وَالْمَسِيرِيُّ، وعلاء الدين الحصكفي، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا عِنْدَ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيِّ.
• من المالكية: سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ اللَّقَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْفَكُّونُ، وَخَالِدُ بْنُ أَحْمَدَ، وَابْنُ حَمْدُونَ وَغَيْرُهُمْ.
• من الشافعية: نجْمُ الدِّينِ الْغَزِّيُّ، وَالْقَلْيُوبِيُّ، وَابْنُ عَلاَّنَ، وَغَيْرُهُمْ.
• من الحنابلة: الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْبُهُوتِيُّ، وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ النَّجْدِيِّينَ.

وأدلّة هؤلاء العلماء وغيرهم ممن قال بتحريم الدخان كثيرة منها “أَنَّ الدُّخَّانَ يُسْكِرُ فِي ابْتِدَاءِ تَعَاطِيهِ إِسْكَارًا سَرِيعًا بِغَيْبَةٍ تَامَّةٍ، ثُمَّ لاَ يَزَال فِي كُل مَرَّةٍ يَنْقُصُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَطُول الأَْمَدُ جِدًّا، فَيَصِيرُ لاَ يُحِسُّ بِهِ، لَكِنَّهُ يَجِدُ نَشْوَةً وَطَرَبًا أَحْسَن عِنْدَهُ مِنَ السُّكْرِ”، وقالوا إنّه إن لم يُسكر فهو يُحدث تفتيرًا وخدرًا لشاربه، فبذلك يشاركه في أولية السكر، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المسكرات والمفترات كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها: “نهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ عن كلِّ مُسكرٍ، ومُفتِّرٍ”،[4] وغير هذه الأدلة الكثير يُراجع في مظانّه.[3]

القائلون بإباحته وأدلتهم

أباح شرب الدخان عدد من علماء المذاهب الأربعة عند ظهوره حديثًا في بلاد الإسلام، ومنهم:[5]

• من الحنفية: الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيُّ، وَقَدْ أَلَّفَ فِي إِبَاحَتِهِ رِسَالَةً سَمَّاهَا: “الصُّلْحُ بَيْنَ الإِْخْوَانِ فِي إِبَاحَةِ شُرْبِ الدُّخَّانِ”، وَابْنُ عَابِدِينَ، وَالشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْعَبَّاسِيُّ الْمَهْدِيُّ صَاحِبُ الْفَتَاوَى الْمَهْدِيَّةِ، وَالْحَمَوِيُّ شَارِحُ الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ.
• من المالكية: عَلِيٌّ الأَُجْهُورِيُّ، وَلَهُ رِسَالَةٌ فِي إِبَاحَتِهِ سَمَّاهَا “غَايَةُ الْبَيَانِ لِحِل شُرْبِ مَا لاَ يُغَيِّبُ الْعَقْل مِنَ الدُّخَّانِ”، وَنَقَل فِيهَا الإِْفْتَاءَ بِحِلِّهِ عَمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ، وَتَابَعَهُ عَلَى الْحِل أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمِنْهُمُ: الدُّسُوقِيُّ، وَالصَّاوِيُّ، وَالأَْمِيرُ، وَصَاحِبُ تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ.
• من الشافعية: الْحِفْنِيُّ، وَالْحَلَبِيُّ، وَالرَّشِيدِيُّ، وَالشُّبْرَامَلْسِيُّ، وَالْبَابِلِيُّ، وَعَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْحُسَيْنِيُّ الطَّبَرِيُّ الْمَكِّيُّ، وَلَهُ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا: “رَفْعُ الاِشْتِبَاكِ عَنْ تَنَاوُل التُّنْبَاكِ”.
• من الحنابلة: الْكَرْمِيُّ صَاحِبُ دَلِيل الطَّالِبِ، وَلَهُ رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ سَمَّاهَا: “الْبُرْهَانُ فِي شَأْنِ شُرْبِ الدُّخَّانِ”، كَذَلِكَ قَال الشَّوْكَانِيُّ بِإِبَاحَتِهِ.

من أدلّة هؤلاء العلماء أنّ التدخين لم يثبت إسكاره ولا تفتيره للناس بعد اشتهاره بينهم وتداولهم له، وبذلك تكون دعوى إسكاره غير صحيحة، وقالوا: “مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ يَحْصُل لَهُ إِذَا شَرِبَهُ نَوْعُ غَشَيَانٍ. وَهَذَا لاَ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ”، وقالوا إنّ الأصل في الأشياء الإباحة حتى يأتي الشرع بنص يحرمها، وما دامت لم تكن في زمن التشريع فهي مما عفا الله -تعالى- عنه.[5]

وقالوا كذلك: “ليس الاِحْتِيَاطُ فِي الاِفْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِإِثْبَاتِ الْحُرْمَةِ أَوِ الْكَرَاهَةِ اللَّذَيْنِ لاَ بُدَّ لَهُمَا مِنْ دَلِيلٍ، بَل فِي الْقَوْل بِالإِْبَاحَةِ الَّتِي هِيَ الأَْصْل، وَقَدْ تَوَقَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْمُشَرِّعُ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ أُمِّ الْخَبَائِثِ – حَتَّى نَزَل عَلَيْهِ النَّصُّ الْقَطْعِيُّ، فَاَلَّذِي يَنْبَغِي لِلإِْنْسَانِ إِذَا سُئِل عَنْهُ أَنْ يَقُول: هُوَ مُبَاحٌ، لَكِنَّ رَائِحَتَهُ تَسْتَكْرِهُهَا الطِّبَاعُ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ طَبْعًا لاَ شَرْعًا”، ولهم أقوال كثيرة وردود على من قال بتحريمه تُنظر في كتب الفقه والموسوعات الفقهية.[5]

القائلون بكراهيته وأدلتهم

كره التدخين عدد كبير من علماء المذاهب الأربعة، ومنهم:[6]

• من الحنفية: ابْنُ عَابِدِينَ، وَأَبُو السُّعُودِ، وَاللَّكْنَوِيُّ.
• من المالكية: الشَّيْخُ يُوسُفُ الصَّفْتِيُّ.
• من الشافعية: الشِّرْوَانِيُّ.
• من الحنابلة: الْبُهُوتِيُّ، وَالرَّحِيبَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَنْقُورُ التَّمِيمِيُّ.

استدلّ العلماء الذين قالوا بكراهية التدخين بدليلين بارزين هما:[6]

• كراهة رائحته، فيكره قياسا على البصل النيء والثوم والكراث ونحوها.
• عدم ثبوت أدلة التحريم، فهي تورث الشك، ولا يحرم شيء بمجرد الشك، فيقتصر على الكراهة لما أورده القائلون بالحرمة.

شاهد أيضًا: هل يجوز وضع مزيل عرق في العمره

هل التمباك يبطل الإحرام

إذا شرب المسلم التنباك في الإحرام فإنّه لا يُفسد إحرامه، فلا يفسد لا الحج ولا العمرة، غير أنّ كثيرًا من العلماء أفتوا بتحريمه مثل اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية، فقالوا إنّه يحرُم لما فيه من ضرر على الجسم وعلى الإنسان، والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز التطيب قبل الاحرام

محظورات الإحرام

محظورات الإحرام هي الأمور التي يُمنع الإنسان منها بسبب الإحرام، ومنها:[8]

• حلق شعر الرأس: وذلك لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}،[9] وألحقَ العلماء بذلك سائر شعر الجسم والأظافر.
• استعمال الطيب: وذلك بعد عقد الإحرام، سواء في ثوبه أو بدنه، أوفي أكله أو في تغسيله أو في أي شيء.
• الجماع: وذلك لقوله تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}.[10]
• قتل الصيد: وذلك لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ}.[11]
• لبس المخيط: وهو القميص والبرانس والسراويل والعمائم والخفاف للرجال.
• انتقاب المرأة: ومثل النقاب البرقع للنساء.

شاهد أيضًا: هل يجوز لبس عباءة الكتف في العمره

وإلى هنا يكون قد تم مقال هل يجوز التدخين وانت محرم بعد الوقوف على حكم التدخين حال الإحرام، إضافة للوقوف على بعض الأحكام المختلفة الأخرى كحكم التدخين بالتفصيل عند فقهاء المذاهب الأربعة، إضافة للوقوف على محظورات الإحرام.