هل يجوز الاستغفار للميت والتصدق عنه وقراءة القرآن له

هل يجوز الاستغفار للميت والتصدق عنه وقراءة القرآن له في الشريعة الإسلامية، حيث إنّ الميت يكون قد غادر هذه الدنيا، والتحق بالرفيق الأعلى وأخذ ما أخذ معه من الأعمال التي يرجو من الله أن تكون خيّرة، لذلك فإنّ موقع مقالاتي سيقف مع مجموعة من الأعمال الحسنة التي يُمكن إهداؤها للميت، وما حكم كلّ منها كما ذكر علماء أهل السنة والجماعة.

هل يجوز الاستغفار للميت

يجوز الاستغفار للميت في الشريعة الإسلامية كما ذكر علماء أهل السنة والجماعة، ويُشرع للميت أن يدعو الله -تبارك وتعالى- أن يكفّر عنه خطاياه ويرفع من درجاته، والحجة في ذلك ما ورد في سورة الحشر من قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}،[1] وقد روي في حديث نبوي شريف مروي عن الصحابي الجليل عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَنِ استغفَر للمؤمنين والمؤمناتِ كتَب اللهُ له بكلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ حسنةً”.[2]

شاهد أيضًا: ما معنى لا يجوز على الميت الا الرحمة

هل يجوز التصدق عن الميت

يجوز التصدق على الميت في الشريعة الإسلامية، ولكن لا يشترط أن يكون المتصدق على الميت من الأقارب، بل يصح أن يتصدق الشخص الغريب عن ميت يعرفه أو نحو ذلك، وقد ذكر ابن قدامة -رحمه الله- أنّه قال: “وَأَيُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا، وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ، نَفَعَهُ ذَلِكَ , إنْ شَاءَ اللَّهُ”، وقد دلت النصوص على جواز التصدق على الميت، ولكن ذكر العلماء أنّ الدعاء للميت هو أفضل من الصدقة، وربما هو أفضل ما يُهدى للميت على الإطلاق.[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز الترحم على غير المسلم

هل يجوز قراءة القرآن للميت

اختلف علماء أهل السنة والجماعة في حكم وصول ثواب قراءة القرآن الكريم بالنسبة للميت إلى عدة أقوال تفصيلها فيما يلي:[4]

• الشافعية: ذكر أصحاب المذهب الشافعي أنّ قراءة القرآن للميت لا يصل ثوابها إليه على المشهور من المذهب كما قال الإمام النووي، وقال جماعة من الشافعية، بل يصل ثوابها.
• الحنابلة: ذكر ابن قدامة الحنبلي أنّ ثواب قراءة القرآن للميت يصل إلى الميت، وذكروا أنّ الميت ينتفع بسائر القربات من الحج والصيام والصدقة والاستغفار والدعاء، وتلك كلها عبادات بدينة، وقد قبلها الله بإذنه عن الميت، فيكيف بما سواها من الأعمال.
• الحنفية: صرّح الحنفية بانتفاع الميت بقراءة القرآن له وإهداء الثواب، فقد جاء في “الدر المختار ورد المحتار”: “ويقرأ سورة (يس) لما ورد: من دخل المقابر فقرأ سورة (يس) خفف الله عنهم يومئذ، وكان له بعدد من فيها حسنات”.

شاهد أيضًا: هل يجوز الترحم على الشيعي بعد وفاته

هل الاستغفار للميت ينجيه من العذاب

إنّ المشروع والحسن هو الدعاء للميت والاستغفار له، وقد ذكر بعض من علماء أهل السنة والجماعة أنّ الدعاء للميت هو أعظم القربات، وثبُت أنّ الاستغفار للميت يخفف من ذنوبه، ويزيد من حسناته بإذن الله تبارك وتعالى، قال العلماء: “وأما عن الاستغفار للميت، فإنه ينفعه ويفيده ويصله بإذن الله ويكون سبباً في التخفيف عنه وغفران ذنوبه، ولا نعلم ما يدل على أنه يزيد في حسنات الميت، ولكن إذا نقصت سيئاته، فإن حسناته ترجح”، والله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: هل يجوز الترحم على الشيعي

صيغة الاستغفار للميت إسلام ويب

روي عن عوف بن مالك بن مالك الأشجعي من صيغ الاستغفار التي ذكرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الاستغفار للميت:

“صَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى جِنَازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِن دُعَائِهِ وَهو يقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عنْه، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِن عَذَابِ القَبْرِ، أَوْ مِن عَذَابِ النَّارِ. قالَ: حتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذلكَ المَيِّتَ”.[6]

شاهد أيضًا: هل البكاء يعذب الميت ويؤذيه في قبره

أعمال تنفع الميت

من الأعمال التي ينتفع بها الأموات من الأحياء:[7]

الدعاء والاستغفار

إنّ الميت في داره يكون أحوج ما يكون للاستغفار والدعاء لقول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.[1]

الصدقة

ذكر علماء أهل السنة والجماعة أنّ الصدقة عن الميت تصل إليه، وتقع له وثوابها يصل إليه، والحجة في ذلك أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: “نعم”.

الصوم

ذكر العلماء أنّ الصوم هو من العبادات التي يصل ثوابها إلى الميت، مستندين في ذلك إلى الحديث النبوي الشريف المروي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: “جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقالَ: لو كانَ علَى أُمِّكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى”.[8]

الحج

ذكر علماء أهل السنة والجماعة أنّ الحج يصل ثوابه إلى الميت، وقد روي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أنَّ امْرَأَةً جاءَتْ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أنْ تَحُجَّ فَماتَتْ قَبْلَ أنْ تَحُجَّ، أفَأَحُجَّ عَنْها؟ قالَ: نَعَمْ، حُجِّي عَنْها، أرَأَيْتِ لو كانَ علَى أُمِّكِ دَيْنٌ أكُنْتِ قاضِيَتَهُ؟، قالَتْ: نَعَمْ، فقالَ: اقْضُوا اللَّهَ الذي له، فإنَّ اللَّهَ أحَقُّ بالوَفاءِ”.[9]

إلى هنا نكون قد انتهينا إلى آخر مقال هل يجوز الاستغفار للميت والتصدق عنه وقراءة القرآن له وذكرنا رأي علماء أهل السنة والجماعة في المسألة، وأضأنا على الحكم الشرعي الخاص بقراءة القرآن وهل يصل ثوابها للميت، وما هي الأعمال التي يُمكن أن يصل ثوابها.